السياق التاريخي للحماية-المغرب في بداية القرن العشرين-


    توفي المولى الحسن الأول تاركا المولى عبد العزيز و هو دون سن التكليف و تحت وصاية الصدر الأعظم باحمادالذي خدم بدار المخزن لمدة طويلة طبعته بالقسوة و الشدةالمفرطة في التعامل مع المخالفين و المناوئين و كان يكتفي بإبلاغ السلطان بخطواته و قراراته التي كان يرى فيها مصلحة البلاد و العبادبمجرد و فاته سنة 1900 لم تعد توجد شخصية مخزنية قوية قادرة على ملئ الفراغ الحاصل بموته حتى بوجود الوزير المنبهي وزير الحرب أنذاك الإ أنه رجل لامسيس له بالسياسة وجد عبد العزبز نفسه وحيدا في أمام
مسؤوليات عظام جند لها كل قواه رغم كل نعت به من نعوت قدحية حاولت صويره على شكل الشاب الطائش المبذر خصوصا من طرف بعض الأقلام الإستعمارية, إضافة إلى الحافظين الذين دعمواعبد الحفيظ ضد أخيه ,غير أن المؤرخ الحريص على نقل الحقائق كما هي يجد هذه الأحكام تبقى بعيدة عن الواقع و ذلك ما عبر عنه العروي بأن عبدالعزيز شاب قوي العزم بمعنى أنه أخد الأمور بحزم محاولا الإصلاح و تجاوز معيقاته حيث انه لم يتوانى عن الدفاع عن رأيه و التشبت به أمام وزرائه مثل حكم الإعدام في حق قاتل أحد الرعايا الإنجليز في الحرم الإدريسي مع علمه ما يمكن أن يجره ذلك عليه من فتن داخلية.
   أهم ما جاءت به خططه للإصلاح هو إعتماده ضريبة الترتيب التي رأى فيها تجاوزا لتعسف القواد في جني الضرائب و التي كانت خاضعة لأهوائهم و التي طالما تشكت الرعية من ظلمهم كما أن الضرائب الشرعية بطبيعتها لا يمكن معرفة مؤديها فكانت ضريبة الترتيب شاملة عامة لكل الناس دون تفريق بين المستويات الإجتماعية كانت تفرض بشكل سوي على كل أنواع البهائم و المواشي و المزارع و الحرث و البحائر و كذلك الأشجار لكن النقطة التي أفشلت ضريبة الترتيب هي المقاومة التي أبداها كبار الأعيان من الشرفاء و شيوخ الزوايا و القواد و المحميون, وجدوا في هذه العدالة الضريبة تعديا على حقوقهم و مكتسباتهم فإستعملوا كل ما لهم نفود في أوساطهم لضرب هذا الإصلاح ,حيث تلاقت مصالحهم مع مصالح الأطماع الإستعمارية فعملوا على نشر الإشاعات و الأكاذيب و دعم الفتن و الثورات ضد عبد العزيز و ذلك ما تم بالفعل حيث لم يمر وقت طويل حتى ظهر بوحمارة و اسمه الحقيقي الجيلالي الزرهوني نسبة الى زرهون يعتقد أن الإستعمار الفرنسي هو من مده بالمال و العتاد حيت دخل في حرب إستنزف فيها قوة المخزن ما دفعه الى مسلسل الإقتراض من الخارج إنتصر بوحمارة في أول موقعة له1902 إقترض عبد العزيز في أعقابها 22مليون فرنك فرنسي دون طائل ماأدئ الى إهدار المال و الرجال و إنتشار الفوضى كانت فتنة بوحمارة هذا ضربة موجعة للمغرب من حيث تراجع استقلالية المغرب لان المخزن قدم المزيد من التنازلات من أجل المزيد من القروض. 

    سنة 1904 بلغ حجم الدين الفرنسي 63 مليون فرنك مارهن عائدات الجمارك لمدة 35سنة هكذا حرم المغرب من أهم موارده المالية حيت أصبح المغرب تحت هيمنة الرأسمال الفرنسي ما حفز الفرنسين من أجل ممارسة ضغوطات أكثر و أصبحوا يعتبرون أنفسهم أسياد المغرب الحقيقين نازعت ألمانياالإنفراد الفرنسي بالمغرب و أكدت على سياته ووحدة أراضيه ذلك ما ترجمته غبوم الثاني الى طنجة سنة 1905.





   كان الموقف الألماني محفزا للمغرب من أجل التحرك لمواجهة التدخلات الفرنسية المثمثلة في مد الثوار بالمال و العتاد و الإقتطاعات من الأراضي المغربية و ضمها الأراضي الجزائرية المستعمرة سعى عبد تالعزيز الى تدويل القضية المغربية و بمساعدة ألمانيا من خلال عقد مؤتمر دولي يجمع كل الأطراف يتم فيه الإقرار بسيادة المغرب و إلتزامه بالإصلاحات التي تحفظ للجميع حقوقهم هكذا عقد مؤتمر الجزيزة الخضراء سنة 1906 و الذي شاركت فيه فرنسا مرغمة لكنها وجدت الدعم من حليفتها إسبانيا فجاءت مقرراته بعيدة عن إنتظارات المغرب و خالية من مشكل الحدود مع الجزائر أو السيادة حيث إستطاعت فرنسا الحصول على المزيد من التنازلات هناك من إعتبرهذا المؤتمر بداية إحتلال المغرب و ذلك بالنظر الى ما جاء فيه:


الباب الأول :إحداث الشرطة المغربية


الباب الثاني :إحداث بنك مخزني تحت الإشراف الفرنسي و التحكم في صك العملة


الباب التالث: إحداث الشركة العمومية يبناء الطرق و خطوط السكة


الباب الرابع: التحكم في الضرائب و الحق في استصدار ضرائب جديدة


الباب الخامس: التحكم في الجمارك حتى إسترجاع أموال القروض و فوائدها


الباب السادس: تنظيم مراقبة تهريب الأسلحة بمعنى الحق في مراقبة الحدود


بمجرد التوقيع على مقررات هذا المؤتمر حتى ذهرت معارضة قوية للمولى عبد العزيز و خاصة بعد القرار السلطاني بجبر أمناء الجمارك المغربية بالقبول بتواجد عناصرمن الجمارك الفرنسية المكلفين بإستخلاص حصة خاصة بحكومتهم


خرج المولى عبدالحفيظ عن صمته منتقد سياسة أخيه و هو خليفته على مراكش والذي عينه الصدر الأعظم باحماد سنة 1896 وهو كذلك العالم و الفقيه و الشاعر عرف عنه كرهه للأجانب وحمل أخيه مسؤولية إستنزاف موارد البلاد وهنه للخارج فرأى أنه لامناص من حمل لواء التغير و حمل لواء الجهاد في وجه الإستعمار و المتعاونين معهو ساعده قواده في الجنوب خاصة الكندافي و المتوكي و الكلاوي الذين أيدوا أفكاره فكانت ثورة الرحامنة و مراكش قتل في أعقابها المدعو موشان و استغلت فرنسا مقتله للإحتلال وجدة بقيادة ليوطي و بإنتشار الخبر دخلت مناطق أخرى في الثورة مساندة لعبد الحفيظ ضد أخيه إستغل هذه الظروف الشريف الريسوني لإعلان الثورة كذلك حيث ألقى القبض على الحراب ماكلين سنة 1907 و مازاد من تفاقم الوضع ثورة قبائل الشاوية بزعامة محمد البوعزاوي هكذا و جد المولى عبد الحفيظ نفسه مدعوما من كل الجوانب.


وقد راسله علماء فاس بقيادة شيخ الزاوية الكتانية يحثونه على خلع السلطان عبد العزيز وذلك ماحدث بالفعل في غشت 1907 بتأيد من قبائل الجنوب و الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتابي و الشريف الريسوني و إعتماده على عصبية أخواله بالشاوية بالإضافة الى دعم أرباب الزوايا المتطلعين الى طرد المستعمر و رفع الضرائب الغير الشرعية بالإشارة الى ضريبة الترتيب العزيزية قرر عبدالحفيط الزحف الى فاس بعد أن إجتمعت له بيعة مشروطة ب:





فسخ ميثاق الجزيزة الخضراء -


تحرير وجدة و الدار البيضاء -


إلغاء الحماية الحماية القنصلية -


إعادة الإمتيازات للأشراف و شيوخ الزوايا -


بعد هذه المرحلة إنقسم المغرب الى الحفيضين و العزيزين و تفجرت بينهما مناوشات و معارك طاحنة إضطر على إثرها عبد العزيز الى التوجه الى الرباط تم الى الحوزفجابهه القائد العيادي المحسوب على الكلاوي حيث نهبت محلته و أرغم على الإنسحاب الى الشمال طنجة تحديدا و تنازل عن العرش مرغما في نوفنبر 1908 فبايعت باقي مناطق المغرب عبد الحفيط سلطانا جديدا.