كسوف الشمس في 21 غشت و بداية العد التنازلي للنهاية.

كشفت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية، استنادا للعالم ديفيد ميد،إمكانية اصطدام الكوكب الغامض "نيبيرو" بالأرض.

و قال العالم،إن كسوف الشمس الذى سيحدث يوم 21 غشت الجاري يشير إلى أن هذا الكوكب الذى لم يلاحظه العلماء من قبل، على وشك أن يصطدم بكوكبنا بحلول يوم 23 شتنبر المقبل.
ولم تكن هذه المرة الأولى التى يزعم فيها "ميد" نهاية الأرض واصطدامها بهذا الكوكب الغامض، ففى وقت سابق من هذا العام، أشار "ميد" أن نيبيرو سوف يصطدم بالأرض فى أكتوبر، وقال وقتها إن النجم يصعب اكتشافه بسبب الزاوية التى يقترب منها من الأرض، لكنه يؤكد الآن أن الكسوف المقبل سيشير إلى وصول الكوكب، وسيكون بمثابة علامة تحذير.

القدرات العقلية الخارقة


ـ الاستبصار Clairvoyance : و هو القدرة على رؤية أحداث أو أشياء أو أشخاص ، ليس بواسطة العين العادية ، إنما بحاسة داخلية يشار إليها بـ"العين الثالثة" . هذه القدرة ليس لها مسافة محدّدة تلتزم بها ، فيمكن أن تتجلى برؤية شخص أو حادثة في غرفة مجاورة ، أو رؤية شخص أو حادثة على بعد آلاف الكيلومترات ، لكن في كلا الحالتين ، هي عملية رؤيا خارجة عن مجال النظر العادي . 

ـ الجلاء السمعي Clairaudience : هو قدرة الحصول على معلومات عن أحداث أو أشخاص من خلال حاسة سمعية داخلية ، ليس لها علاقة بحاسة السمع التقليدية . و قد تأتي بشكل همسات محببة جميلة ، كألحان موسيقية أو أجراس أو غناء . و يمكن أن تأتي على شكل طرقات قوية على الخشب أو الحديد مثلاً ، أو صفّارة إنذار أو أي صوت مزعج آخر يعمل على لفت الانتباه . و أحياناً كثيرة ، بدلاً من أن يأتي الصوت من داخل الذهن ، يتجلّى بشكل واضح مما يجعله مسموع عن طريق الأذن ، فيبدأ الشخص بالالتفات حوله فلا يرى شيئاً . و لهذا الصوت مظاهر كثيرة ، فيمكن أن يتشابه لصوت الشخص المعني ، مع اختلاف في النبرات و السرعة و التعبير . و يمكن أن يكون صوت أشخاص آخرين . و قد تبدو نبرة هذا الصوت سلطوية أو تحذيرية أو تشجيعية ، و يمكن أن يتخذ نبرة عاطفية حنونة ، أو نبرة عاقلة منطقية واقعية .

ـ الشعور باليقين من أمر معيّن Clairsentience : هذه الحاسة هي الأكثر شيوعاً بين الناس . يمكن أن تتجلّى بظهور فجائي لجواب على سؤال معيّن ( ذكرناها سابقاً ) ، و يمكن أن يظهر كإنذار مسبق بحصول حادثة معيّنة أو خطر ما ، أو المعرفة المسبقة لنتيجة عمل ما . غالباً ما يترافق مع هذا الشعور ، ( خاصة قبل حصول شيء غير محبّب ) ، انفعالات فيزيائية أو جسدية ، كشعور غريب في منطقة القلب ، أو إحساس غريب في المعدة ( البطن ) ، أو تنميل الجلد ( الشعور بوخزات خفيفة في الجلد ) ، و غيرها من إحساسات جسدية مختلفة باختلاف الأشخاص . و قد تأتينا المعلومات في هذه الحالة على شكل فكرة عادية ، تخطر في الذهن بطريقة عادية ، كما باقي الأفكار ، و هذا ما يجعلنا نخلط بينها و بين الأفكار العادية ، فلا نعطيها أهمية بالغة لأننا نعتبرها كأي فكرة عاديةأ خرى. 

ـ قدرة الإدراك بواسطة "الذوق" و "الشم" Clairsavorance -Clairscent : 
هذه القدرات هي الأقلّ شيوعاً بين البشر ، لكنها مشابهة لتلك التي عند الكلاب و الكائنات الأخرى .

ـ التخاطر و توارد الأفكار Telepathy :
هي عملية انتقال الأفكار من شخص لآخر على المستوى اللّاوعي ، دون أن يشعران بذلك . أو على المستوى الواعي ، كعملية قراءة الأفكار ، أو التحكّم عن بعد ( برمجة عقول الآخرين ) .

ـ القدرة على إدراك عوالم أخرى . Perception 0f Other Realms :
هي القدرة على الإنتقال إلى عوالم غريبة ، أو رؤية كائنات غريبة ، خارجة عن منظومتنا الحياتية . و هذه الكائنات قد تشمل أشخاص فارقوا الحياة ، أرواح مرشدة ، ملائكة ، جنّ ، و كائنات أخرى .

ـ القدرة على استخلاص المعلومات من خلال الأشياء Psychometry :
يمكن عن طريق حمل شيء معيّن في اليد ، استخلاص المعلومات عن هذا الشيء أو معلومات عن صاحب هذا الشيء ، مهما كان بعيداً . و قد تأتي هذه المعلومات بشكل انطباعات مرئية أو صوتية أو أفكار أو شعور مشابه لشعور صاحب الشيء .

تجاوز حاجز الزمن :
هذه القدرات ليست محدودة ضمن حاجز مكاني أو زماني محدّد . أي أنه ليس لها مسافة محدودة ، كما رأينا . لكن بنفس الوقت ، فهي تجتاز الحاجز لزمني أيضاً . حيث يستطيع الشخص النظر إلى الأمام و الوراء في الزمن بنفس الوقت ! .

ـ الإدراك المسبق Precognition :
هو القدرة على معرفة حادثة قبل حصولها . و قد تتجلّى هذه القدرة أثناء الصحو ، أو النوم ( الحلم ) . و يمكن أن تتخذ أي شكل من الأشكال الإدراكية التي ذكرناها سابقاً .

ـ الإدراك الإسترجاعي Retrocognition :
هو القدرة على معرفة معلومات تفصيلية معيّنة عن حادثة حصلت في الماضي ، دون الاستعانة بأي من الوسائل التقليدية المعروفة . و يمكن أن تتخذ أي شكل من الأشكال الإدراكية التي ذكرناها سابقاً .

ـ قدرة التأثير على الأشياء بواسطة الفكر Telekinesis :
هي القدرة على إحداث تغييرات في حالة الأشياء الفيزيائية بواسطة الفكر ، و تتجلّى هذه القدرة بجعل الأشياء ترتفع في الهواء أو تتحرّك من مكان إلى آخر ، أو حتى تختفي من مكانها و تظهر في مكان آخر ! أو اختراق الجدران ، أو يمكن أن تتجلّى بالقدرة على إجراء تغييرات واضحة في محلول كيميائي معيّن ! أو غيرها من أمور و إنجازات مخالفة للقوانين الفيزيائية المألوفة .

ـ الارتفاع في الهواء Levitation :
القدرة على الارتفاع عن الأرض دون الاعتماد على أي وسيلة فيزيائية معروفة .

ـ القدرة على إحداث تغيرات بايولوجية و جسدية و التحكم بوظائف الأعضاء الجسدية و تجاهل الألم ، عن طريق الفكر :
تجلّت هذه القدرة في مذاهب صوفية مختلفة عند جميع الشعوب . و تتمثّل هذه القدرة بمظاهر مختلفة كالمشي على النار عاري القدمين أو غرس السيوف في أماكن مختلفة من الجسم أو التحكّم بوظائف الأعضاء الجسدية المختلفة كإبطاء عملية التنفّس أو ضربات القلب أو تقوية جهاز المناعة أو غيرها من وظائف جسدية أخرى ! كل ذلك عن طريق طاقة الفكر !.

ـ

من هم سكان كوكب اومو المذكورين من قبل المصريين القدماء؟



سكان كوكب اومو...هل هم مخلوقات فضائيه أم كائنات ارضيه هاجرت للفضاء؟؟؟

كوكب اومو من احد الكواكب المذكورة في الحضارات القديمة مثل حضارة الفراعنة وحضارة المايا...وقبل أن تتسرع بالرفض أو السخرية من هذا الكلام – تعال نستعرض معاً ما فعله العالم الفرنسي جان بيتيت في تجربته....

البروفيسور جان بيتيت يعمل أستاذاً ومدير أبحاث في اعلى منصب فى المركز القومى للأبحاث العلمية فى فرنسا ، وهو فيزيائى شهير ، وأخصائى فى علم الكون والفلك وميكانيكا السوائل ، ورجل عُرف بالجدية والاتزان ، وبالاهتمام الشديد بكل الظواهر العلمية والميتافيزيقية ، وبحسن التحليل والاستنباط ، استناداً إلى مبادئ العلم والمنطق وقوانين الفزياء المثبتة علمياً باختصار ، إنه رجل فوق مستوى الشبهات ، من الناحية العلمية وهذا الرجل هو أكثر من يؤمن - على وجه الأرض - بوجود مخلوقات فى الكواكب الأخرى ليس هذا فحسب ولكنه يؤمن أيضاً بأن هذه المخلوقات تعيش هنا بيننا على كوكبنا الأرض وقبل أن تتسرع بالرفض ، أو باستنكار القول ، أو نفى الفكرة تعال نستعرض معاً ما كتبه ولقاؤه مع سكان كوكب اومو واشكالهم وهيئتهم التي وصفها جان بيتيت في الرسائل (المرفق بعضها في الصورة) التي وصلته منهم بانهم بشر شقر ولكنهم اطول مننا بقليل من المتوسط المعتاد للطول و لون بشرتهم شاحب قليلا وهناك فروق فيزيولوجية ايضا ...للمعلومية : وهي نفس الاوصاف التي ذكرها بيرد ونفس اوصاف العرق الآري الذي بحث عنهم هتلر في جوف الارض واتصل معهم واعتقد بان لهم قاعدة بالارض منذ الالاف السنين او انهم رحلوا الى كوكب اوموا وابقوا لهم حضارة في جوف الارض وتطابق الاوصاف يدل على صحة وجودهم فعلا .

لقد وجه (جان بيتيت) صدمة هائلة للعالم وللعلماء عندما أصدر كتاباً يذكر فيه بأن العشرات من الناس في أسبانيا وفرنسا قد تلقوا رسائل يدعي أصحابها أنهم مخلوقات من كوكب آخر– بل ويؤكد (جان بيتيت)
أنه تلقى العشرات من الرسائل المماثلة .. وأنه قد أصبح على اتصال مع تلك المخلوقات منذ أكثر من 25 سنة (وهي الفترة المقاربة منذ أن أقامت عودة / ليا في فرنسا)وأنهم يعيشون هنا بيننا ويرسلون إليه رسائلهم على نحو منتظم .

وراح يروي (جان بيتيت) في كتابه ما يعرفه عن زوار الفضاء هؤلاء من واقع رسائلهم – فهؤلاء الزوار ينتمون إلى كوكب يومو Ummo وهو يقع في مجرة أخرى تبعد عن كوكبنا بمسافة تصل إلى خمس سنوات ضوئية تقريباً كما ذكر زوار الفضاء – وتزيد جاذبية كوكب يومو ق ليلاً عن جاذبية الأرض .. حتى أن سكانه يشعرون بأنهم أقل وزناً على كوكبنا .. ويوم كوكب يومو يزيد عن يومنا بثماني ساعات – أي أنه طول يومهم 32 ساعة – وتمر به الفصول المناخية الأربعة مثلما يحدث على كوكبنا .. وليس لهذا الكوكب أي أقمار مما يجعل ليله حالك الظلمة – ولا توجد به سوى قارة واحدة فقط تعيش عليها مجموعة من المخلوقات على شاكلة واحدة .. فجميعهم شقر ويتحدثون لغة واحدة .. كما يمكنهم التجول بحرية تامة وسط البشر .. إذ أن تكوينهم الخارجي شبيه جداً بالتكوين البشري .. باستثناء أنهم طوال القامة وبشرتهم شاحبة للغاية على نحو قد يثير الإنتباه قليلاً ولكن هذا لا يمنعهم من الذوبان وسط طوفان البشر في المدن الكبيرة مثل شيكاغو أو باريس (مكان إقامة عودة) أو أي مدينة في العالم سكانها من الشقر .

وقد ذكر هؤلاء الفضائيون بأن أجهزة كوكبهم قد التقطت رسالة أو إشارة منتظمة آتية من أحد الكواكب البعيدة عنهم – والغريب أن هذه الرسالة كانت من كوكبنا (الأرض) حيث بدأ علماء كوكبنا منذ ثلاثينيات القرن الماضي بإرسال رسائل عشوائية بلغة الرموز إلى الفضاء تتحدث عن كوكب الأرض وعن حضاراته .. على أمل أن تصل إحدى تلك الرسائل أو الإشارات إلى أي مخلوقات عاقلة تعيش على كواكب أخرى – فيتم اللقاء أو على الأقل تتواصل الرسائل بيننا وبينهم – وبدا واضحاً كما يرجح (جان بيتيت) أن سكان يومو تلقوا إحدى هذه الرسائل .

وقد أطلق سكان كوكب يومو على كوكب الأرض إسم (أوياجا) Oya Gaa وهي كلمة تعني في لغتهم (المربع البارد) لأن كوكبنا يبدو لهم من خلال أجهزة الرصد لديهم أشبه بمربع ذو لون أزرق بارد ... فهؤلاء الزوار ينتمون إلى كوكب يحمل اسم أومو UMMO ويبعد عنا بخمس سنوات ضوئية تقريباً ، وجاذبيته تزيد قليلاً عن جاذبية كوكب الأرض حتى أن سكانه يشعرون على سطح الأرض بأنهم أخف وزناً بمقدار 20 % وكتلة الكوكب تزيد مرة ونصف على كتلة الأرض وطول يومه 32 ساعة ، بدلاً من 24 ساعة ، وتمر به فصول أربعة تماماً مثل الفصول المناخية عندنا ، ولكن ليس له أية أقمار ، لذا فليله حالك الظلمة ، ثم إنه لم يمر بمرحلة انشقاق القارات، ولهذا فليس فيه سوى قارة واحدة ، وجنس واحد من الشُقر الطوال القامة ، يتحدثون لغة واحدة ، مما خفض احتمالات نشوب الحروب إلى الحد الأدنى ، وساعد على سرعة التقدم العلمى ، والتطور التكنولوجى وهذا لا يعنى أن كوكب أومو هو جنة الله سبحانه وتعالى فى الكون ، أو أنه كتلة من الخير الصافى ، فتاريخه يشير إلى أنه ذات يوم ، كانت تحكمه إمرأة مستبدة وضعت نفسها فى مصاف الآلهة ، وحكمت القارة الوحيدة هناك بالحديد والنار ، بوساطة جهاز أمن قوى ، ولكن إحدى خادماتها نسفتها ذات يوم ، فاشتعلت ثورة عنيفة ، كان من نتيجتها أن استولى الشعب على الحكم ، وتم انتخاب مجلس خاص لإدارة الكوكب ، طبقاً لنظام محكم ، يضمن عدم تكرار الموقف ثانية.. وأصبح على سكان أومو أن يطورا أنفسهم ، ويسعوا للتفوق والتقدم وذلك يوم التقطت أجهزتهم رسالة ، أو إشارة منظمة ، آتية من أحد الكواكب، فى الكون الشاسع والعجيب أن هذا الكوكب كان كوكبنا الارض...

وبناءاً على الرسالة التي تلقاها سكان هذا الكوكب – فقد انطلق رواد الفضاء لديهم لزيارة كوكب الأرض في رحلة فضائية استغرقت عامين وهي مدة قصيرة جداً قياساً لبعد المسافة بين الكوكبين .. فقد استغل الزوار في رحلتهم إلى كوكبنا كل التكنولوجيا التي يمتلكونها لاختصار المسافة وإلغاء عامل الزمن .. وذلك بأساليب علمية معقدة شرحوها في رسائلهم –وبالتالي الوصول إلى كوكب الأرض الذي هبطوا على سطحه في الثامن والعشرين من مارس عام 1950 م .. وقد حدد زوار يومو في رسائلهم للعالم الفرنسي (جان بيتيت) موقع هبوط مركبتهم –وقد ذكروا بأنهم قد أخفوا بعضاً من معداتهم في مغارة جبلية يستغلونها كمخبأ سري ، وتركوا ستة من باحثي هم لدراسة اللغات والعادات المحلية في كوكب الأرض .. ثم رحلوا لإبلاغ كوكبهم بنتائج زيارتهم الأولى لكوكب الأرض .

كان هذا ما ذكره العالم الفرنسي (جان بيتيت) في تقريره الذي صدم به العالم .. وبدأ مجموعة من الباحثين الذين يثقون بـ (جان بيتيت) بعمل جولة تفقدية لإحداثيات الموقع الذي أشار إليه زوار كوكب يومو والتي كانت تشير إلى موقع هبوط مركبتهم الفضائية .. فوجد هؤلاء الباحثون مفاجأة لم يكن لأحد منهم أن يتوقعها .. لقد عثروا عند نقطة هبوط المركبة التي حددها زوار يومو على أحجار حمراء اللون غير معروفة على الإطلاق ولا تشبه أي عينات جيولوجية معروفة على الأرض .. إلا أنهم لم يعثروا على المخبأ السري الذي تحدث عنه هؤلاء الزوار .

أما بالنسبة للرسائل التي كان يتلقاها (جان بيتيت) فقد كانت هي الأخرى بمنتهى الغرابة .. فهي مطبوعة على ورق خاص .. من الصعب جداُ صنع مثله إلا لمن يمتلك أجهزة متطورة للغاية وباهظة الثمن بنفس الوقت .. كما أن الختم المستخدم في رسائل زوار يومو تصدر عنه إشعاعات ذرية محدودة .. وهذا الختم عبارة عن رسم لكائن يشبه الثعبان له أجنحة .. وقد أثار هذا الشعار حيرة وانتباه (جان بيتيت) طويلاً .. ولكنهم لم يف صحوا عن مغزاه أبداً .. باختصار كل الأدلة التي يمتلكها (جان بيتيت) والتي تخص هؤلاء الزوار تحمل تكنولوجيا متطورة للغاية .

ولقد قدم هؤلاء الفضائيون حلولاً علمية لمشاكل فيزيائية معقدة منها مشكلة الرنين .. أو اختراق حاجز الصوت في السرعات العالية حيرت علماء الفيزياء طويلاً .. قدمها سكان يومو على طبق من ذهب عندما أعلنها (جان بيتيت) أمام العلماء – وكان هذا الإعلان بمثابة صدمة للأوساط العلمية .. لما تحمله من حل مباشر وسهل لمشكلة أرهقت العلماء طويلاً ..ويتلخص الحل في صنع شبكة من الأنابيب حول مكوك أو مركبة الفضاء أو الطائرة – تحوي مادة كيميائية يمكن تحويلها بسرعة من الحالة السائلة إلى الحالة الجيلاتينية أو شبه صلبة.. مع وجود كومبيوتر يقوم بقياس درجة الرنين ، وقبل أن تصل جدران المركبة الفضائية إلى نقطة منتهى الرنين بسبب السرعة ، فإن الكومبيوتر يعمل على تحويل هذه المادة السائلة إلى الجيلاتينية .. أو العكس بالعكس .. مما يغير في النهاية من مستوى الرنين ويمنع المركبة من الوصول إلى نقطة الرنين التي ينهار عندها الجسم وبالتالي تنتهي هذه المشكلة تماماً ..

هذا الحل بالذات هو الذي جعل العال م (جان بيتيت) يؤمن إيماناً تاماً بوجود مخلوقات من كوكب آخر .. فكيف تتوصل مجموعة عابثة من الناس إلى ما عجز عنه أعظم علماء العالم ؟! وهل من المعقول أن تستمر مزحة من بعض العابثين لأكثر من 25 سنة ؟!

على الرغم من كل ما سبق ذكره .. وعلى الرغم أيضاُ من مكانة (جان بيتيت) العلمية المرموقة في فرنسا .. إلا أنه واجه هجوماً عنيفاً من زملائه العلماء ومن الصحفيين وسخروا مما ذكره (جان) في كتابه .. وتسائلوا في سخرية : لماذا لم يعلن إذن سكان هذا الكوكب عن وجودهم حتى الآن على نحو صريح بدلاً من هذه الرسائل العجيبة ؟ ولكن حتى هذا السؤال قد أجاب عنه سكان كوكب اومو في رسائلهم – بقولهم إن الوقت لم يحن بعد للتصريح بوجودهم .. ولكنهم مازالوا يحتفظون بأول مخبأ سري لهم ، في قلب الغابات الفرنسية ليكون شاهداً على صحة أقوالهم بكل ما يحويه من معدات تكنولوجية وإمكانيات مبهرة .. إلى أن تحين اللحظة التي يرونها مناسبة ليبدأوا بالإتصال برؤساء الدول للإفصاح عن وجودهم..

رد العالم الفرنسي على هذا الإستنكار الشديد بتوجيه تهديد شديد اللهجة إلى الحكومة الفرنسية أن تنكر ما جاء في كتابه .. وصرح بأن الهيئات والمؤسسات الحكومية والعلمية في فرنسا قد تلقت عشرات الرسائل المماثلة من زوار يومو .. وبأن المسؤولين في الحكومة الفرنسية يحاولون بشتى الوسائل إجراء إتصال رسمي مباشر مع هؤلاء الزوار .

قائمة تنبؤات العرافة البلغارية فانغا المثيرة للجدل( 2017 سنة الكوارث)



فانغا: امرأة عمياء ولدت في 31 يناير/كانون الثاني عام 1911ً في مقدونيا. وتوفيت عام 1996، في بيتريتش، بلغاريا، ونالت شهرة واسعة بسبب نبوءاتها المتعددة و الغريبة و التي تحققت لحد الساعة أكثر من 85%.

بعد وفاة فانغا نشرت في الإنترنت قائمة تنبؤات، نُسبت إليها، حيث قالت فانغا قبل موتها بقليل كلمات كانت تبدو وكأنها من الخيال وكانت غير مفهومة في ذلك الوقت: "اسمعوني، اسمعوني جيدا، عام 2011 سيكون عام غير عادي، الناس سيتغيرون وكل العالم سيتغير، ففي الشمال سيسقط مطر كيماوي وبالتالي سيموت كل كائن حي"..

وقد فهمت هذه الكلمات فقط بعد أن بدأت تتحقق، ففي ربيع عام 2011 بدأت الكوارث، زلزال قوي جدا (تسونامي)، كارثة فوكوشيما (هي كارثة تطورت بعد زلزال اليابان الكبير 11 مارس/أذار عام 2011، ضمن مفاعل فوكوشيما 1 النووي، حيث أدت مشاكل التبريد إلى ارتفاع في ضغط المفاعل، تبعتها مشكلة في التحكم بالتنفيس نتج عنها زيادة في النشاط الإشعاعي)، أمطار الغازات السامة التي شكلت خطرا على كل الكائنات الحية، بالفعل هذا ماقالته فانغا.

وهذا ليس كل شيء، فالتنبؤات كان لها تكملة مرعبة: "في ربيع 2011، ستبدأ الحرب في الشرق وبعد ذلك ستبدأ الحرب العالمية الثالثة، وستقوم القيامة، أسلحة كيماوية، أوروبا الفارغة".

في ربيع عام 2011، بدأت الثورات في سوريا، وقد ذكرت فانغا في تنبؤاتها سوريا، حيث قالت: "قريبا ستأتي الأوقات الصعبة والعذاب إلى هذا العالم، يسألونني هل هذا سيكون في وقت قريب، فأجيب لا ليس في وقت قريب، فسوريا لم تسقط بعد، سوريا ستنهار تحت أقدام المنتصر، ولكن المنتصر لن يكون كذلك". ماذا يعني هذا وعن أي وقت تحدثت العرافة.

أكملت العرافة قائلة: "عام 2016، أوروبا ستكون فارغة وباردة، سيأتي وقت لن يكون فيه ماء، وفقط روسيا ستنجو من الخطر ".

واعطت تواريخ ربطتها بأحداث كبرى مثل:
  •  أكتوبر 2017 حرب نووية و كيماوية.
  •  2025 إعادة إعمار أروبا
  •  2028 ارسال مكوك مأهول الى كوكب الزهرة
  •  2043 يحكم المسلمون أروبا.
  •  2048 استنساخ البشر
  •  2088 ظهور مرض غريب للشيخوخة يشيب به الصبيان ويذهب بالصحة
  •  2170 جفاف كبير يموت به اغلب الكائنات بالكوكب
  •  2221 تأكد البشرمن وجود كائنات فضائية خارقة الذكاء
  •  2288 اختراع جديد يمكن الانسان من السفر عبر الزمن
  •  2302 يكشف الانسان لاول مرة كل اسرار الكون
  •  3005 حرب طاحنة بين الجنس البشري و المخلوقات البشرية
  •  3815 نهاية الحرب
  •  4109 التوصل لسر الخلود
  •  5079 نهاية العالم
وكانت قد تحققت تتنبؤاتها لسنوات عديدة على الصعيد العالمي، ففي عام 1996 حذرت “فانجا” العالم قائلة إن “أبراج التجارة العالميين في أمريكا سوف يقعان بعد هجوم بواسطة طائرات.. وبعد تنبؤاتها بسنوات قليلة، تمت مهاجمة برجي التجارة العالمية في أمريكا ودكهما.. وتوقعت فانجا إعصار تسونامي في 2004 قبل حدوثه، وتنبأت بالاحتباس الحراري، وأيضا بانتخاب اول رئيس ذو يشرة سوداء ، وصرّحت بأنه سيكون آخر رئيس أمريكي للولايات المتحدة القوية .

ورسمت النبوءات المنسوبة إلى العرافة البلغارية أيضا صورة مرعبة لمستقبل البشرية، ورد فيها "ستأتي إلينا في القريب أمراض جديدة يجهلها الناس. سيتساقط الناس في الطرقات من دون سبب جلي، ومن دون مرض معروف. سوف يمرض بشكل خطير حتى أولئك الذين لم يعانوا أبدا من أي شيء".

ولكن الخبراء يقولون إن مؤشرات عديدة تدل على أن هذه القائمة الطويلة من التنبؤات لا تمت لفانغا بصلة، وذلك لظهورها عقب وفاتها ولعدم وجود سند لها، كما أن الكتب الهامة التي تحدثت عن سيرة العرافة البلغارية الشهيرة لم تشر إليها لا من قريب ولا من بعيد، إضافة إلى أن صياغاتها لا تنسجم مع أسلوب فانغا البسيط وشخصيتها الريفية.


ما سبب تسمية الامازيغ بالبربر؟

يسمي البربر أنفسهم غالبا ‘إمازيغن’ و يسمون لغتهم “الأمازيغية” . كلمة “بربر” أصلها لاتيني : “بربارُس” و تنحدر هي الأخرى من اللغة الإغريقية : “برباروس” . هذه الكلمة تعني في الحقيقة “أعجمي” ، أي الذي يتحدث لغة غير مفهومة.
ينبغي أن تكون قد قامت حضارة في المغرب حوالي ألف سنة قبل الميلاد أَطلق عليها المؤرخون اسم الحضارة الليبية البربرية . ساكنة تلك الفترة التاريخية هم أجداد البرابرة الحاليين . المؤرخون لا يعرفون الكثير عن تلك الساكنة و لا عن تلك المرحلة . فأول ما دُوّن عن شمال إفريقيا قام به مدونون إغريق قدماء ، لكن تلك النصوص لم تكن دقيقة أبدا و كانت تتعلق بالمناطق الساحلية فقط . هيرودوت الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد ، هو أول من كتب فعلا عن ساكنة المنطقة . هؤلاء السكان سُموا بالليبيين أو النوميديين( أي بمعنى :البدو الرحل )”. 

في حاجات المتعلم


إننا عندما نرجع إلى تاريخ التربية، نجد أن مسألة الغايات التربوية كانت تفرض نفسها عبر مختلف العصور، حيث كان الناس يتساءلون دائما عن نوعية الإنسان المراد تكوينه، وعن طبيعة القيم المرغوب في ترسيخها، وعن الكفايات التي ستحظى بالأولوية مستقبلا. كما أنهم تساءلوا عن طبيعة المجتمع الذي يرغبون في إقامته، إذ نادى البعض ببناء مجتمع قائم على التنافس، كما دعا البعض الآخر إلى بناء مجتمع متضامن. وقد طرحت المجتمعات على نفسها أسئلة أخرى من نوع: هل سيتم العمل على تكوين الإنسان فقط في مجال العلوم الحقة والتكنولوجيات...، أم سيتم تكوينه في مجال الآداب والفنون والعلوم الإنسانية والاجتماعية، أم سيعطى له تكوينا يأخذ بعين الاعتبار كل هذه الحقول والمجالات...؟

لقد انتقل حقل التعليم من النهوض أساسا على تدريس الإنسانيات إلى خضوعه لهيمنة شبه مطلقة لتدريس العلوم الحقة والتكنولوجيا... وصار مطلوبا من المدرسة أن تمنح الأسبقية لتدريس اللغة الأم دون التخلي عن تدريس اللغات الأخرى ... ومن الأكيد أن التطور سيفرض عليها مستقبلا اختيارات أخرى.... لكن، هل يمكن للمدرسة أن تتنبأ بحاجات المجتمع لما بعد سنة 2025؟ إن التفكير في كل هذه الأمور أساسي جدا، لأن كل غاية تقتضي مجتمعا ونظاما تعليميا خاصين بها، قد يكون على النقيض من المجتمع والنظام التعليمي الذي ترمي إليهما غاية أخرى...

وإذا كان معلوما أن الغايات التربوية تُحَدَّد من قِبَلِ السلطة السياسية التي يجب عليها أن تشرك المجتمع بأكمله في هذه العملية، فلا ينبغي لهذا أن يمنع المدرسون من الانكباب على التفكير في الأسباب العميقة التي جعلتهم يمارسون التعليم، إذ يجب أن يتساءلوا كذلك عن نوعية التلاميذ الذين يرغبون فعلا في تكوينهم... وإذا كان العلم يرمي إلى الغوص في ما وراء المظاهر، فهل يجب أن يضطلع التعليم بهذا الدور، أم سيكرس نفسه من أجل نجاح التلاميذ في الامتحان فحسب، مما يمكن أن ينجم عنه ضياع معنى المدرسة؟

وبما أنه من غير الممكن فصل ما يتم تعلُّمه عن كيفية تعلُّمه، فإن ما هو مهم هو ما يربط بين مضمون التعلُّم وكيفية تعلُّمه. تبعا لذلك، فما هي العلاقة التي يرغب المدرسون في وجودها بين التلميذ ومختلف المواد الدراسية؟ هل هي علاقة استهلاك، أم علاقة إبداع، أم علاقة استخدام اجتماعي...؟ وهل يريدون تكوين أفراد مطيعين، أم يرومون تكوين أفراد مسؤولين يمتلكون فكرا نقديا وإبداعيا، ولهم قدرة على التكيف مع مختلف الأوضاع التي يفرضها عليهم التطور؟ وهل يكمن هدفهم في تكوين أفراد فعالين يفكرون بحرية فقط، أم مواطنين ينظرون مستقبلا إلى الخدمة التي سيقدمونها إلى مجتمعهم من حيث كونها أعظم إنجاز في حياتهم؟...

في سياق هذا التفكير نجد أنفسنا أمام السؤال التالي: هل ينبغي أن تكون الغايات التربوية التي يسعى إليها المدرسون معروفة من قِبَلِ المتعلمين؟ إنني أرى أنه يجب أن يعرف هؤلاء هذه الغايات نظرا وعملا، وخطابا وسلوكا، ما يمنحها تماسكا وترابطا... ويظهر لي أن هذا شرط ضروري لكي يكون لكل من التدريس والتعلم معنى.

تجدر الإشارة إلى أنه بعد تحديد الغايات، يتم الانتقال إلى تحديد المعارف المنسجمة معها، والتي تساهم في تحققها نسبيا. كما يتم تطوير الطرائق التدريسية وأساليب التقويم الملائمة لها... وأي تناقض بين هذه المكونات يؤدي إلى النسف الكامل للعملية التعليمية-التَعَلُّمية، ويُفقدها أي معنى...

لكن، عندما ننتقل إلى التطبيق العملي، نجد أنفسنا أمام السؤال الآتي: ما العمل كي يفهم التلميذ معنى الأهداف المعلنة من قِبَلِ المدرس؟ إن التلميذ لا يستوعب هذه الاهداف جيدا إلا بعد قيامه ببناء المعرفة التي يتعلمها...، كما أن المدرس عندما يغوص في التفاصيل، فإن التلاميذ لا يفهمون، حيث يفقدون التركيز والانتباه. أضف إلى ذلك أنه عندما يقدم إليهم أجوبة جاهزة، فإن المعرفة تكون معطاة من قِبَلِه ولم يتم إنتاجها من قبلهم، ما يحول دون انخراطهم في البحث المفضي إلى بنائها... وإذا ظل المدرسون متمسكين بالأهداف العامة، فإنها قد لا تعني أي شيء بالنسبة للمتعلمين، إذ لن تجد لها أي صدى في أنفسهم... ولكي يفهم التلاميذ المدرس، يجب إذن أن يبقى، بما يكفي، على المستوى العام، كما ينبغي أن يكون دقيقا، بما فيه الكفاية، لكي يمنح معنى لعمله. هكذا، يمكنه أن يساعد التلاميذ على معرفة معنى ما يتعلمونه؛ إما عبر توضيح الأفكار التي يرمي إلى إنجازها معهم، أو من خلال تقديم الفائدة من العمل الذي ستقوم به جماعة الفصل...، ما قد يغريهم ويجعلهم ينخرطون في العمل من أجل بناء معارفهم. وبقدر ما يتقدمون في بناء المعارف، بقدر ما يدركون معانيها، فتزداد رغبتهم فيها، ويسقطون في حبها، ويقيمون علاقة منتجة وسليمة معها...

للمتعلمين انتظارات Attentes وطلبات Demandes وحاجات Besoins، لكن غالبا ما يتم الخلط بينها. فما المقصود بكل واحدة منها؟

الانتظارات هي، في غالب الأحيان، عبارة عن رغبة واعية. كما أنها ليست مطالبة بحق، بل إنها تدخل في إطار نظام التمنِّي.

وعندما تكون للمتعلم انتظارات، فمن الممكن أن يتقدم بطلبات لتحقيقها، ويعلن عما يرغب في الحصول عليه. ويدخل هذا في إطار نظام التمني المُعَبَّر عنه. لكن يمكن أن تكون للمتعلم انتظارات دون أن يحس بالحاجة إلى التعبير عنها.. ومع ذلك، ينتظر من المدرس الاستجابة لها.

أما الحاجات فهي من طبيعة أخرى، حيث إنها تدخل في إطار نظام الضرورة. وتكمن المشكلة الكبرى في أنه ليس هناك وعي بالحاجات، حيث إنها تكون مجهولة من قِبَلِ المتعلمين. وغالبا ما يسود هذا في الفصل الدراسي وحتى في ورشات تكوين المدرسين. وفعلا، يمكن أن يكون المتعلم غير واع بحاجاته الحقيقية، إذ يدخل الوعي بها ضمن اختصاص المدرس أو المؤطر الذي يفهمها، أو يظن أنه كذلك. وهكذا، وبما أن المدرس هو الذي يعرفها، فينبغي أن يوفر الشروط الديداكتيكية لكي يكتشفها المتعلم ذاته...

ومن الملاحظ، من خلال الممارسة اليومية، أن المدرسين لا يفلحون، عموما، في الاستجابة لانتظارات التلاميذ وتوقعاتهم. فقد يستجيبون بسرعة، في أحسن الأحوال، لطلباتهم. كما أنهم غالبا ما ينخرطون فورا في تلبية الحاجات الفعلية، حيث يرون أن مقاربتهم هذه مفيدة للمتعلمين. لكن أغلب هؤلاء ليسوا دائما مستعدين فورا، وبدون بذل أي مجهود بيداغوجي من جانب المدرس، لتلقي عنصر معين عندما يكونون في انتظار عنصر آخر.

يفترض المدرسون حاجات التلاميذ أو يحدسونها، ويحاولون الاستجابة لها فورا، وذلك رغم أنه من المفيد، على الأقل في مرحلة أولى، المرور بانتظاراتهم. تبعا لذلك، فإن المشكل مطروح إذن على الشكل التالي: أليس ملائما البدء بالاستجابة إلى الطلبات، أي للانتظارات، بأكبر سرعة ممكنة، للوصول إلى جعل التلاميذ يكتشفون حاجاتهم الضرورية؟ إنه عندما يتمكن المدرس من توفير الشروط التربوية الملائمة، فإنه يستطيع تحويل الحاجات اللاواعية إلى انتظارات وطلبات، شريطة أن يبذل ما في وسعه لكي يحصل الوعي بذلك عبر خلق وضعيات بيداغوجية يكتشف التلاميذ من خلالها ما ينقصهم وما يغيب عنهم، أي ما هم في حاجة إليه فعلا...

قد يتم تنظيم تكوين للمدرسين من أجل دراسة كيفية مساعدة التلاميذ على التعلم. ولإنجاز ذلك، ينبغي أن تتوفر لهم الشروط الملائمة لكي يعبروا في البداية عن انتظاراتهم وتوقعاتهم، حيث تظهر بعض الطلبات وتختفي أخرى. وبعد المناقشة...، يسهل انخراط الجميع في تطوير إشكالية هذا التكوين.

يظهر لي، من خلال تجربتي في تأطير المدرسين والمؤطرين التربويين، أن أغلبهم يكون هدفهم الأساس، في البداية، هو الحصول على وصفات جاهزة ينتقلون تَوََّا إلى تطبيقها بسلاسة وبدون أدنى مشكل. وهم يرون أنهم على صواب في ما يرغبون في الحصول عليه، لكننا نكون مضطرين، في البداية، لمسايرتهم والاستجابة إلى طلبهم هذا. وفي هذه الحالة، نكون ملزمين بمحاولة تطوير وصفات وتمارين وأدوات وتقنيات... يرون أنها ملائمة للتلاميذ لكي يتعلموا التعلم. لكن هدفهم هذا لا يستقيم نظرا ولا عملا، حيث إن أغلب الدراسات البيداغوجية تؤكد أن تزويدهم بهذه الأدوات ليس فعالا، لأنه يُسقطهم في نزعة تقنية technicisme تحول دون إنتاج المتعلمين لمعارفهم وبنائهم لمعاني ما يتعلمونه. وبالرغم من ذلك، فإننا نتخلى مؤقتا عن وجهة النظر هذه، ونمنحهم هذه الأدوات والتقنيات... مع الحرص على ربطها بتحليل عميق يُمَكِّنهم من إدراك طبيعتها وحدودها وانعكاساتها... هكذا تكون البداية بمناقشة كيفية استعمال هذه الأدوات..، ونستمر في ذلك في ورشة التكوين إلى أن يكتشفوا محدودية تصوراتهم ومنزلقاتها...، ويعبروا عن رغبتهم في البحث عن طريقة مغايرة للتدريس... وهنا، يبدأ الانخراط فعلا في التكوين، حيث يأخذ هذا الأخير حجمه. فما هي إذن الإستراتيجية التي اعتمدناها؟ لقد بدأنا بالاستجابة لانتظارات المتكونين، وقد كان هدفنا هو جعلهم يعون، في نهاية المطاف، حاجاتهم الضرورية. وعندما ظهرت هذه الحاجات، وأخذت معناها عندهم، ظهر الطلب على تلبيتها، واستطعنا بعد ذلك السير جماعيا في اتجاه بناء شروط تربوية أكثر فعالية في التدريس...

تبعا لذلك، إنه لابد من معرفة انتظارات المتعلمين وطلباتهم حتى نتمكن من الانطلاق معهم منها بهدف جعلهم يُقبلون، عن وعي ومن تلقاء أنفسهم، على التخلي عن تصوراتهم غير المفيدة حول انتظاراتهم وطلباتهم. ويحدث ذلك عبر تطوير وضعيات بيداغوجية، تُدخلهم في علاقة سجالية Relation polémique مع ذواتهم (G. Bachelard). وهكذا، ينخرطون في مساءلتها، حيث يفكرون، وكأنهم يصطدمون مع تمثلاتهم الخاصة التي ينظرون بها إلى العالم... (Paul Valéry). وهذا ما يُدخلهم في صراع معرفي داخلي يدفعهم إلى البحث عن إقامة توازن جديد، الأمر الذي سيساعدهم على تغيير شبكة تمثلاتهم الخاطئة لانتظاراتهم وطلباتهم، والتوصل إلى اكتشاف حاجاتهم الفعلية، والانخراط معرفيا وعاطفيا في تلبيتها. وهذا ما سَيُحَوِّلُهم إلى ذوات قادرة على التفكير والإبداع باستقلال عن الآخرين...

يكمن دور المدرس في الربط بين المعارف الكونية والأوضاع الخاصة لتلاميذه. وليست البيداغوجيا علما، بل يجب باستمرار إبداع طرائق إشراك التلاميذ في مغامرة المعرفة. ولا يتعلق الأمر فقط بمغامرة من قِبَلِ المتعلم، بل إنها أيضا مغامرة بالنسبة للمدرس ذاته، حيث يجب عليه أن يُنَوع طرائقه، ويبدع وسائل جديدة لتحفيز تلاميذه، ويعيد النظر في آرائه في حالة فشله بهدف جعلهم يعيدون النظر في ذواتهم ويفجرون العوائق التي تحول دون بنائهم لمعارفهم ويتجاوزونها... وتبعا لذلك، فإن المغامرة تهم المدرس أولا، إذ يجب أن تتولد لديه الرغبة في اكتشاف مختلف طرائق النفاذ إلى المعرفة. إنها عملية بحث مستمر، الأمر الذي يتطلب تكوينا مستمرا... 

محمد بوبكري

في التوتر الديداكتيكي




لا يقتضي بناء المعارف فقط قدرة المتعلم على استعمال عُدَّة تقنية فحسب، بل يستوجب أساسا تكوين حالة ذهنية لديه، إذ ينبغي أن يكون راشد المستقبل قادرا على تقدير الرهانات وتحدِّي الذات والآخر في آن.

يلاحظ المتأمل في نظامنا التعليمي أن التدريس عندنا لا يعد الفرد للوعي بالرهانات المحلية والكونية، حيث يقوم على طرائق وقواعد... لا تمكن من أكثر من المواجهة الآلية لوضعيات معروفة ومتكررة، كما لا تُعلم سوى طاعة القواعد المعمول بها في المدرسة... وللتدليل على ما نقول، يكفي أن ننظر إلى ما تقتضيه الامتحانات المدرسية عندنا، وإلى كيفية تحضيرها. نحن نسير في الاتجاه المعاكس للتوجهات التربوية الحديثة التي تركز على ضرورة اكتساب المتعلم للقدرة على خلق قيم جديدة أكثر من الحفاظ على القديمة (L. Cros, 1981). وفي إطار هذه الدينامية، يشكل تجاوزُ الذات لذاتها ومواجهة التحديات قواما حقيقيا لبناء المعرفة والإنسان في آن...

لقد كانت الطريقة الحوارية السقراطية تعري التناقضات القابعة في الفرد، فتفرض عليه مواجهة ذاته. وإذا كان التعلم ليس إضافة معارف جديدة إلى أخرى قديمة، فإن مواجهة الفرد لتمثلاته الخاصة تصبح مقاربة أساسية يجب استغلالها في التدريس. ألم يقل ج. بياجيه J. Piaget ذاته إن التعلم هو تجاوز سلسلة من الصراعات؟

إننا نتعلم مع الآخرين وبهم، وذلك عبر التبادلات والمواجهات والشك في بعض التمثلات... وإذا كنا نستعمل الآخرين في تعلمنا، فإننا نساعدهم أنفسهم في تعلمهم. وهذا ما يبين الأهمية الكبرى للصراع السوسيو-معرفي في التعلم.

إن التعلم من أجل ذاتنا هو أيضا تعلم من أجل الآخرين، لأنه يؤدي إلى الاستخدام الاجتماعي للمعارف المكتسبة، ممَّا يكشف عن معنى المعرفة ودورها.

إذا كان من غير الممكن الفصل بين بناء الإنسان لذاته وبنائه لمعرفته، فإن بناءهما لا يكمن فقط في وضع المتعلم أمام صعوبات، بل وكذلك في القدرة على تجاوزها. ولتحقيق ذلك، ينبغي أن يتحول الإنسان إلى فاعل قادر على ركوب المخاطر. لكن عندما ننظر إلى ما يقوم به تلاميذنا، فإننا نجدهم يقفون جامدين عند ظهور مشكلة معينة أمامهم، وينتظرون من يأتي لنجدتهم عبر تزويدهم بما يجب فعله! ويعود موقفهم هذا، بشكل كبير، إلى العادات التي تكونت لديهم منذ صغرهم داخل أوساطهم الأسرية. لكن لا ينبغي اتخاذ هذا ذريعة لنفي مسؤولية المدرسة نفسها عن ذلك.

تبعا لذلك، يجب أن تُعلم المدرسة التلاميذ كيفية تجاوزهم لذواتهم، لأن انخراطهم في البحث يحركهم ويثير فضولهم المعرفي ويشجعهم على التفكير والالتزام والفعل. أما إمدادهم بكل التسهيلات، فلا يؤدي سوى إلى شلهم. أضف إلى ذلك أن تجاوز عائق معين من لدن المتعلم قد يشكل محركا يؤهله للدخول في دينامية جديدة تجعله ينخرط في مشروع آخر...

وهكذا يجب تطوير وضعيات تعلُّمية تخلق لدى المتعلم جرأة على الشك ليبحث ويبتكر ويمنح الثقة لما يمكن أن يظهر طوباويا أحيانا. كما ينبغي عدم رفض كل ما هو غريب وغير متداول. فغالبا ما يواجه الباحثون الأمر نفسه عندما يضطرون للشك في ما وضعه أسلافهم وأساتذتهم الذين يحترمونهم. إن هذا أمر صعب، لكن مهمة الباحث تقتضي جعل الممكن معروفا والحلم بتحقيق ما هو غير ممكن.

انسجاما مع ذلك، يغدو من الضروري أحيانا عدم الاكتفاء بالفهم، إذ يجب أيضا الالتزام، ما يقتضي الانتقال من الكوجيتو الديكارتي " أفكر، إذن أنا موجود" إلى ما قاله كامو Albert Camus "أتمرد، إذن أنا موجود".

لا يسري هذا الكلام على التلاميذ وحدهم، بل يهمّ أيضا المدرسين الذين ينبغي أن ينخرطوا باستمرار في تنويع مقاييسهم وممارساتهم وتجديدها عبر استعمال خيالهم... قد يظهر للبعض أن في هذا نوعا من التمرد، لكن ما لا يتم الانتباه إليه هو أن عدم إقدام المدرسين على فعل ذلك يغلق أمامهم أبوابَ التكيف مع ظروف التلاميذ المعقدة، ويحول دون تمكين هؤلاء من الانخراط في إنتاج المعرفة... ويرى فليب ميريو Ph. Meirieu أن المدرسة تلزمنا بأن نفصح عمن نحن وما نحمله في ذواتنا، في حين يجب أن يعمل البيداغوجي كل ما في وسعه من أجل التلاميذ... ويحترس من المدرسة ! (Ph. Meirieu, 1993).

وهكذا، يجب ألا يتخذ الكتاب المدرسي طابعا قدسيا يلزم الجميع باتباعه حرفيا، إذ لا يمكنه أن يتضمن أجوبة عن كل أسئلة التلاميذ والمدرسين، وأن يقدر على التكيف معهم في كل الأحوال والظروف. كما أنه لا يستطيع تطبيق ذاته بذاته، ولا أن ينوب عن المدرسين والمتعلمين في التعليم والتعلم.... فينبغي أن يكون مجرد إطار عام يتضمن توجهات عامة وأمثلة...، ولا يمكنه أن يكون فعالا إلا عبر انفتاحه على كتب أخرى، وعلى خيال التلاميذ والمدرسين والمؤطرين التربويين... وتبعا لذلك، فإنه كتاب قابل للإثراء والتجاوز,,,

قد يبدو ما نقوله منطويا على دعوة إلى التمرد، لكن طبيعة بناء المعرفة هي التي تستوجب ذلك. إنها فعل عميق، وليست مجرد إضافة معارف إلى أخرى. ويعني ذلك أن أنها تتطلب خيالا وانفتاحا وإرادة ومثابرة...

وإذا كان الواقع بطبيعته معقدا، فإن التعلم يتطلب وضع التلميذ في وضعيات تدريسية معقدة. لكن هذا لا يعني تطوير وضعيات جد صعبة تتجاوز بكثير القدرات العقلية الحالية للتلاميذ، إذ سيجعل ذلك المدرسين يعتقدون أن هذا النوع من الوضعيات هو اختيار بيداغوجي غير ملائم. فالوضعية المعقدة تطرح صعوبات قابلة للتجاوز من قِبَلِ المتعلم، لأنها مثيرة لفضوله وجذابة له، حيث تساعده على تكوين نظرة شمولية للواقع وتحفزه على الانخراط في التعلم من تلقاء نفسه. لكن هذا يستلزم امتلاك المدرس لعُدّة تدريسية ملائمة وفعالة...

وتجنبا للسقوط في العقم التربوي، تقتضي التدريسية حاليا معرفة المدرس كيفية تدبير التوتر الديداكتيكي، وتجنبه شحن التلميذ معرفيا بشكل زائد عن الحد.

ويعني التقدم، عند التلميذ، الذهاب نحو ما لا يعرفه بعد. ولذلك، يتعين منحه مكانا للتفكير والفعل والإنتاج، ما يفرض على المدرس أن يكون أكثر أو أقل بعدا عن المتعلم حسب تقديره لدرجة الصعوبة التي يواجهها هذا الأخير. فعند مواجهة التلميذ لصعوبة كبيرة، ينبغي أن يكون المدرس قريبا منه لطمأنته وإثارته وتشجيعه على التفكير واستعمال طاقاته ومكتسباته المعرفية في اتجاه بناء معرفة جديدة، دون أن ينوب عنه في ذلك. وعليه، يجب على المدرس أن يوازن التوتر الديداكتيكي tension didactique القائم بين المعارف التي يتوفر عليها التلميذ والمعرفة الجديدة التي يريد له أن يكتسبها. وهكذا، يلزمه أن يخلق توترا بينهما يمكن أن يساعد التلميذ على بذل مجهود أكبر، ما يفرض على المدرس اتخاذ الاحتياطات البيداغوجية الضرورية لتجنب خلق هوة تُعَرِّضُ العلاقة بين هاتين المعرفتين للخطر، فتعوق تعلم المتعلم (Michel Serres).

إننا نطلب من التلاميذ، أحيانا، أن ينجزوا ما يعرفون فعله، كما قد نطلب منهم أن يخطوا خطوات تفوق طاقاتهم. وهذه مسألة يجب أن نعيها، إذ هناك مسافة بين طبيعة معارف التلميذ و"مشروع" المدرس، إن جاز القول. وهذا ما يخلق ما يسمى بالتوتر الديداكتيكي. إن هذه المسافة طبيعية، لكن يجب ألا تكون كبيرة جدا. ولا تكمن المشكلة في الصعوبة في حد ذاتها، وإنما في أن الاشتغال على موضوع جد معقد قد لا يكون له معنى بالنسبة للتلميذ، أو قد يصعب عليه استيعابه، ما قد يشل تفكيره... لهذا، ينبغي أن يحس المتعلم بأنه معني، ويعرف أن في إمكانه التوصل إلى مداخل عديدة لاستيعاب موضوع دراسته اعتمادا على التقاط معالم ومؤشرات تساعده على منحه معنى... كما يجب أن تتوفر له الشروط التربوية التي تمكنه، ولو جزئيا، من القدرة على تمثل الهدف الذي ينبغي تحقيقه.

أحيانا، نلاحظ أن المتعلم يفقد جزءا من قدراته ومؤهلاته... عندما يوضع أمام مهمة صعبة. ففي الدرس اللغوي مثلا، قد يعجز التلميذ، في لحظة معينة، عن استعمال الكفايات التي اكتسبها من قبل وسبق له أن استعملها في وضعيات سالفة. من ذلك أنه قد يفقد القدرة مؤقتا على استعمال النقط والفواصل وعلامات الترقيم الأخرى التي سبق له أن اكتسبها عندما يدخل في كتابة بنية نص جديدة، كأن ينتقل من كتابة نص سردي إلى آخر تفسيري.

وقد يحدث الشيء نفسه عند إنتاج التلاميذ لنص معين، حيث يلاقون صعوبات في التحكم في المضمون الذي يريدون التعبير عنه، وفي كيفية كتابته. وهذا ما لا ينتبه إليه المدرسون ولا يحللونه...

على العكس من ذلك، عندما يكتب بعض الراشدين نصا معينا، فإنهم لا يهتمون بمشاكل الإملاء والنحو...، إذ يكتبون بكل تلقائية لأنهم متحكمون فيها. لكن الأمر قد يصير بخلاف ذلك عندما ينتقلون إلى الكتابة بالحاسوب دون تدريب سابق على كيفية استعماله. فقد يبتلعهم الجانب التقني إلى حد مصادفتهم صعوبات في تطوير أفكارهم ومعالجة أسلوبهم والصياغة الدقيقة لما يريدون التعبير عنه... وهكذا، قد نجدهم عاجزين جزئيا عن توظيف مجموع الكفايات التي اكتسبوها سابقا، بسبب وجود عوائق مرتبطة بخبرات أخرى ينبغي تدبيرها في الآن نفسه.

إن التلاميذ في حاجة إلى اكتساب تلك التلقائية، ويتعين أن يكون ذلك هدف المدرس. ولا ينبغي الاعتقاد أن الارتكاز الكبير على هذه التصرفات التلقائية يعني الاشتغال مثل الآلة. ففي الواقع، يتعلق الأمر بالاقتصاد في الطاقة والجهد، وتحديد المسائل التي ينبغي حلها في حقل كفايات معين، مما يمكن من تكريس الذات كليا لحل مسائل أخرى، والتركيز على الأنشطة التي تتطلب ابتكارا وإبداعا. فالإنسان يمتلك طاقات كبيرة يجب استعمالها (G. De Vecchi et N. wCarmona Magnaldi,).

لا يمكن التخلي عن تطوير الوضعيات المعقدة، لكن ينبغي تسليط الضوء عليها ومعرفة حدودها. فليس أمامنا اختيار آخر، إذ لا يمكن بناء المعارف بفعالية إلا عبر الوضعيات المعقدة. لكن يجب ألا تنصب مطالب المدرس على كل شيء دفعة واحدة. ولا يعني تجنب تحميل التلاميذ ما يفوق طاقتهم المعرفية ألا نطالبهم باستعمال مجموعة كبيرة من المهارات دفعة واحدة، بل ينبغي تشغيل هذه الأخيرة عبر برمجتها زمنيا. انسجاما مع ذلك، فإن الأمر يتعلق بالبحث الدائم عن توازن عبر جعل الوضعية التكوينية تدفع، ما أمكن، بالمتعلم في اتجاه التطور نحو الأعلى…

وتبعا لذلك، ينبغي أن يرافق المدرس التلميذ أبعد ما يمكن في تعلمه، ويثير حريته وفضوله، ليقرر هو ذاته الانخراط في مغامرة المعرفة. ويقتضي ذلك تطوير إطار ديداكتيكي ملائم لمستوى النمو الذي ينبغي تجاوزه، وتشجيع التلميذ على الخوض في المجهول، إذ هو قادر على تعلم أشياء أكثر فأكثر صعوبة مما يعرفه...

محمد بوبكري

المدرسة وغياب المعنى


يكمن أحد الأدوار الأساسية للمدرسين في البحث عن معنى ما يُدَرِّسُونه من معارف لتلاميذهم. وهذا ما يقتضي البحث عن المعنى الذي يمكن أن يكون لها، وكذا عن المعنى الذي يمكن أن يمنحه المتعلمون لها.

قد ينظر الأطفال والآباء إلى نشاط معين بكونه مهما، لكن تختلف كل فئة عن الأخرى في المعنى الذي تمنحه له. فإذا أخذنا القراءة مثلا، فإننا نجد أن الآباء يولون أهمية كبيرة لقراءة القصص للأطفال الصغار، إذ يرون في هذا النشاط مدخلا أو مقاربة أولية للقراءة. هكذا، فعندما نقرأ القصص للأطفال الصغار، فإننا نسافر بهم إلى عوالم سحرية، ما يطلق العنان لخيالهم، ويُمَكِّنُهم من تذوقها، ويخلق لديهم شيئا فشيئا الرغبة في الانخراط في المغامرة الصعبة لتعلم القراءة. ونضيف إلى ذلك أن هذا يساعدهم على اكتشاف معنى المكتوب، حيث يدركون أن هذه الخربشة المخطوطة على الورق قد تم تنظيمها ضمن نسق يروي أروع الحكايات وأجمل المغامرات... لكن الآباء لا يستمرون في القراءة لأطفالهم إلى ما لا نهاية، بل إنهم يتوقفون عن ممارستها بمجرد أن يبدأ الأطفال في معرفة القراءة، وذلك حتى ولو استمر هؤلاء في مطالبتهم بالاستمرار في القراءة لهم. وإذا ما قمنا بتحليل هذه الوضعية بحثا عن معنى هذا النشاط لدى كل من الآباء والأطفال، وجدناه مختلفا عند كل منهما. فالآباء يرغبون أن ينخرط أطفالهم في القراءة في سن مبكرة، ما يدفعهم إلى القراءة لهم كي يحببوها لهم ويحفزونهم عليها... وعندما يتوقفون عن الاستمرار في فعل ذلك، فإنهم يريدون أن يمارس الأطفال القراءة وحدهم بتلقائية، ويستقلون عنهم في ممارسة هذا النشاط. لكن قد يكون المعنى الذي يمنحه الطفل لنشاط القراءة هو غير ذلك الذي يحمله الأب أو الأم عنه، لأن الأمر يتعلق أساسا عند أغلب الأطفال بتلبية حاجة عاطفية. فالطفل يريد أن يقرأ له والده أو أمه بدافع الرغبة في أن يقضيا معه وقتا ممتعا ويكونا رهن إشارته... تبعا لذلك، فإن بعض الأطفال قد يرون أن توقف الآباء عن القراءة لهم يحرمهم من متعة قضاء لحظات جميلة معهم. هكذا لن يهتم هؤلاء الأطفال بأن يصيروا قراء جيدين، ما قد يُبدد كل ما اكتسبوه سابقا خلال قراءة القصص لهم من قِبَلِ آبائهم.

عندما ننتقل إلى المدرسة، فإننا لا نجد دائما أن المعنى الذي يقدمه المدرس هو نفسه الذي يكتسبه التلميذ، بل إن أغلب التلاميذ يفعلون ما يُطلب منهم فعله دون أن يدركوا معناه ولا لماذا فعلوه... وغالبا ما لا يعي المدرسون أن المعنى الذي استوعبه التلاميذ ليس هو فعلا ما قالوه لهم. بناء على ذلك، إنه لا يمكن أن نتصور أن تلميذا يستطيع تطوير فرضية أو حل مسألة يطرحها عليه المدرس من دون أن يكون لهما أي معنى لديه.

علاوة على ذلك، يرتبط المعنى ارتباطا وثيقا بالثقافة والوسط الاجتماعي والتاريخ الشخصي للتلميذ. وفي هذا الإطار، لاحظ " فليب بيرينو" Philippe Perrenoud أنه عندما يُطلب من التلاميذ للمرة الأولى كتابة إنشاء، فلا أحد منهم يستطيع إنجاز ذلك بشكل سليم، إذ لا تكون كتاباتهم أصيلة، ولا يكون مضمونها مهيكلا، وذلك حتى ولو تعلق الأمر بالكتابة في موضوع بسيط ومباشر. لكن قد يُنير المناخ الديداكتيكي الطريق لبعض التلاميذ، ما يمكنهم من اكتشاف معنى هذا النشاط، فيصبحون قادرين على تحسين إنجازاتهم الكتابية اللاحقة. وعلى عكس ذلك، فقد يستعصي على بعضهم الآخر فهم الفائدة من كتابة نص حول شخصية بعض أقاربهم أو حول كيفية قضائهم لعطلتهم... فليس لهذا أي معنى بالنسبة إليهم، إذ لا تثير هذه المواضيع فضولهم أو تغريهم، لأنهم يجدون المعنى في أشياء أخرى غيرها. ويمكن تفسير ذلك بتأثير ثقافة التلاميذ في مهامهم المدرسية، حيث تؤثر في المعاني التي يمنحونها لمختلف الأشياء والأحداث والكائنات، كما تؤثر في استجابتهم أو عدم استجابتهم لما تتوقعه المدرسة منهم...

يمكن للوضعيات الديداكتيكية التي يطورها المدرس أن تكون أيضا حاملة للمعنى، إذ يمكن لدينامية حل مسألة أن تشكل نشاطا له معنى، حيث يقوم هذا الأخير على البحث والنشاط الفكري المفتوح... وعلى العكس من ذلك، نلاحظ اليوم كثرة الارتكاز على تصورات بيداغوجية تحكمها نزعة تقنية تختزل المعرفة وتتناقض مع طبيعتها في غالب الأحيان. ويظهر لي أن ذلك لا يصنع شيئا بالنسبة للتلاميذ، ولا يفيدهم في أي شيء، إذ يُحَوِّلهم، في أحسن الأحوال، إلى كائنات تشتغل بطريقة أوتوماتيكية. نتيجة ذلك، ينجم عن هذه النزعة التقنية انحراف يؤدي إلى فقدان عمل التلاميذ لأي معنى...

عندما يتخذ شخص قرارا متعلقا بحياته، فقد يكون لما سيقوم به معنى بالنسبة إليه، أو لا يكون. ومن النادر أن ينجز شخص شيئا لا معنى له لديه. كما أنه من البديهي أن يكون المتعلم أيضا في حاجة إلى المعنى. وبالرغم من ذلك، فإننا نرى أن أغلب المعارف المدرسية خالية من أي معنى بالنسبة للمتعلمين. وهذا ما ينسحب على أغلب مضامين الكتب المدرسية وعلى ما يجري داخل حجرات الدرس... ويرجع ذلك إلى أن المعرفة المدرسية مفصولة عن استعمالاتها في الحياة اليومية، ما يَحول دون تمكين التلاميذ من القدرة على الانخراط في اكتشاف ما لا يعرفونه عبر بنائه...

تُعَوِّدُ مدرستنا الأطفال والتلاميذ على الجمود أو على الفعل الخالي من أي دلالة أو تفكير، إذ غالبا ما لا يتساءلون عما يفعلونه ولا عن الهدف من فعله... ومن المدهش أن العمل الذي يُفرض عليهم إنجازه ليس له أي معنى بالنسبة إليهم. وهذا ما يجعل عملهم منحصرا في التكيف مع ما يُؤمرون بفعله حتى ولو كان متنافرا ومتهافتا. تبعا لذلك، فعندما يتعلق الأمر بحل مسألة رياضية، فإن أغلب التلاميذ ينخرطون في حلِّها بشكل آلي دون معرفة معاني المفاهيم التي يشتغلون بها، ولا أصولها، ولا تاريخها، ولا الروابط التي تجمع بينها سواء داخل نفس الحقل المعرفي أو بين مختلف حقول المعرفة. كما أنهم لا يعرفون كيفية إنتاج المعرفة بها، ولا حدودها... فهم ملزمون بالمقررات الدراسية، لكنهم لا يدركون معناها ولا علاقاتها بالحياة، ولا دلالتها بالنسبة للمستقبل... إنهم يراكمون معارف مجزأة لا رابط بينها، ما يُحَوِّل المعارف المدرسية إلى كلمات متقاطعة غير منتظمة في أي نظام. نتيجة ذلك، أصبح التلاميذ يمشون فوق كلمات ورموز ورسوم البرامج الدراسية المُضَمَّنَةِ في الكتب المدرسية، ولا يدركون أهميتها ولا جدواها... إنهم لا يطرحون أي سؤال حول المضامين المُقَدَّمَة إليهم، ولا يحسون بالحاجة إلى منحها معنى. هكذا، فلا يكمن المعنى، بالنسبة إليهم، في المعارف التي يُفترض أن يتعلموها، بل يرونه كامنا في النجاح في الامتحانات والحصول على الشهادات... وبذلك، فهم لا يقيمون علاقة سليمة بالمعرفة، وإنما هم يطمحون فقط إلى النجاح من أجل احتلال مواقع اجتماعية مهمة مستقبلا. هكذا، فإنهم لا يجدون الحافز في المعرفة، بل خارجها. تبعا لذلك، فإنهم لا يتعلمون شيئا، وإنما قد يتحايلون من أجل النجاح دون اكتساب ما يستوجب ذلك من قدرة على بناء المعارف والاشتغال بها... وهذا ما يساهم في استفحال ظاهرة الغش في الامتحانات وترسيخها في المجتمع... يعود ذلك إلى أن عدم اكتشاف التلاميذ لمعاني الأشياء يحرمهم من لذة المعرفة، ما يحول دون انخراطهم الكامل في مغامرة التعلُّم، وينفرهم منه، الأمر الذي قد يصيبهم بالخمول والجمود...

كثيرا ما يفرض المدرس على التلاميذ تدوين ما يقوله ويكتبه على السبورة...، لكن قد لا تسمح لهم طبيعة مضامينه المعرفية المُرَكَّبَة والمعقدة بفهمه بسرعة، حيث يتطلب ذلك فترة زمنية وعُدَّة ديداكتيكية لاستيعابه من قِبَل التلاميذ... لكن، عوض أن يتم خلق شروط تربوية تمكنهم من إدراك معاني هذه المعارف عبر الانخراط في بنائها، فإنه يتم نعتهم بالعجز عن المتابعة والمسايرة... تبعا لذلك، يجب على التلاميذ أن يكتبوا ما يُلقَى عليهم دون التفكير فيه أو مساءلته...، ما يعني أن عليهم أن يفعلوا ما يُطلب منهم فعله دون فهمه... هكذا، تكون أفعالهم جوفاء خالية من أي معنى، الأمر الذي يحول دون نموهم ويجردهم من إنسانيتهم... فليس ممكنا أن ينخرط التلاميذ في البحث عن الدلالات إلا عندما يكفون عن التصرف ككائنات آلية ويدركون معاني الأشياء عبر توفر شروط تربوية تمكنهم من معرفة المعارف المدرسية من خلال إنتاجها، ما يفسح لهم ولمدرسيهم المجال لبناء معنى المدرسة عبر الاستثمار في ذلك معرفيا ووجدنيا...

لا تمتلك المعرفة معنى في ذاتها، حيث إن المتعلم والمدرس هما اللذان يمنحانه لمضمونها. أضف إلى ذلك أن المعنى شخصي، إذ يقول رولان بارث Rolant Barthes إن السميولوجي يرى المعنى في الشارع حيث يرى الناس الأشياء. وهكذا يمكن لهذا الأخير أن يجد خطابا حول فعل البيع l’acte de vendre في واجهات المتاجر حيث تُعرض البضائع. وليس هذا التحليل حديثا جدا، إذ يشرح " ألان" Alain أن الجندي يرى في آثار حوافر فرس على الأرض آثار فارس، لكن يرى فيها المزارع آثار فلاح. وقد يستطيع التلميذ، خلال نشاط مدرسي، فهم ما يُطلب منه وتحديده، لكن هذا لا يعني أن ما يُقدم إليه يحمل معنى بالنسبة إليه. تبعا لذلك، يتحول التلميذ إلى آلة تطحن الفراغ. ولتغيير هذا الوضع الخالي من أي معنى، يجب أن تحيل المعرفة المدرسية على ما يجعل المتعلم ينخرط في التعلم. فالوقائع موجودة، لكنها تكتسب معنى حسب الطريقة التي يوجدها بها كل واحد.

يقتضى منح المعنى لنشاط تربوي معين التصرف بالشكل الذي يمكن المتعلم من الحضور الفاعل، ويجعله يحس بفائدة وأهمية المعرفة التي يتعلمها. وهذا ما ينبغي تجسيده عبر إقامة علاقة بين المعرفة وشخص التلميذ، ما يعني ربطها بمشاكله وتاريخه الخاص وأسلوب تفكيره وما يطرحه من أسئلة على نفسه، وكذا بحاجاته الواعية وغير الواعية...

ويعني منح المعنى معرفةَ ما يراد فعله، إذ يكمن المعنى في معرفة الهدف المراد تحقيقه. كما يتطلب ذلك معرفة السبب الذي يُحرك الإنسان لفعل ما يريد فعله.

وعندما نتأمل في كيفية اشتغال نظامنا التعليمي حاليا، نجد أنه يهدف أساسا إلى الدفع بالمتعلم إلى الفعل فقط من دون إدراك معنى ما يفعله، الأمر الذي يحول دون تعُمه ويحكم عليه بالجمود. لكن لكي يكون هناك معنى، يجب أن يفعل المتعلم من أجل التعلم، إذ ينبغي أن تتهيأ له الظروف الديداكتيكية كي يفكر ويبني المعرفة وينتجها ليستوعبها... 


محمد بوبكري

التَعَلُّمَ والخطأ



يرى دارسو تاريخ العلوم أن هذا الأخير قد عرف الكثير من الأخطاء التي يرجع الفضل إليها في تقدم العلوم وازدهارها... وإذا كانت شهرة طوماس إديسون Thomas Edison راجعة لاختراعاته العديدة وعلى رأسها المصباح الكهربائي، فإنها راجعة أيضا إلى الفشل المتكرر الذي طبع عمله قبل توصله إلى اكتشافاته... فبعد تفجيره لثلاثة مختبرات، بدأ أصدقاؤه يضغطون عليه ليغير مهنته بمهنة أخرى، لكنه كان يردُّ عليهم بأنه أصبح، بفضل تلك الأخطاء، يعرف أكثر من أي وقت مضى كيف يُنجز ما يريد إنجازه، وأنه استفاد من فشله المتكرر، ما يجعل نجاحه مؤكدا لا محالة.

ويروي بعض المهتمين أن "إديسون" قد قام بعشرة آلاف محاولة قبل اكتشافه المصباح الكهربائي. وعندما استغرب أحدهم لمثابرته واستمراره في المحاولة رغم فشله المتكرر، أجابه هذا العالم قائلا: " إنني لم أفشل، بل اكتشفت عشرة آلاف طريقة لا تفضي إلى اختراع المصباح الكهربائي".

إن ارتكاب الأخطاء Erreurs ظاهرة بشرية طبيعية. ومن المفيد أساسا اعتبارها جزءا لا يتجزأ من سيرورة تَعَلُّم الإنسان وتطوره.

يحيط بكلمة "خطأ Erreur " لبس، مما يفرض الإشارة إلى أن الخطأ التربوي يختلف عن الأخطاء التي يمكن أن تُرتكب في مجالات أخرى. فالخطأ مفيد في حقول العلوم والتربية، لكنه مرفوض تماما في مجالات القضاء والطب. أضف إلى ذلك أن النازية والفاشية وكل الاتجاهات التي تنحو نحوهما هي جرائم، وليست أخطاء كما يُرَوِّج البعض.

عندما يتعلم الطفل المشي أو ركوب الدراجة الهوائية، فإن الأمر يتطلب منه الانخراط في سيرورتين معقدتين يستعصي تحليلهما بتفصيل. ومع ذلك، فإن الخطأ والفشل لا يوجدان بالنسبة إليه، حيث يحاول الوقوف والخطو أو ركوب دراجته، فيسقط، ويصطدم بكل الكائنات والأشياء الموجودة في طريقه... لكنه سرعان ما ينهض، ويَُصلح من شأنه من جراء ما تعرض له من جروح ورضوض طفيفة، ثم يُعيد الكَرَّة من جديد. إن هدفه الوحيد هو الوقوف والمشي على قدميه، أو ركوب دراجته الهوائية... فضلا عن ذلك، يساهم أهل الطفل وأقرباؤه في سيرورة التعلُّم، حيث يشجعونه ويدعمونه ويفرحون أو يبكون معه. إنهم مقتنعون أن أسلوب المحاولة والخطأ هو الوسيلة الوحيدة للتعلُّم.

يحكي بيتر كلاين Peter Kline تجربة مهمة قام بها أحد أساتذة الثانوي. لقد كان لهذا المدرس فصلان دراسيان ينتميان إلى نفس المستوى الدراسي، لكن كان أحدهما يتكون من تلاميذ جيدين، والثاني من آخرين غير جيدين. ويحكي هذا المدرس أنه استطاع أن يحول، بسهولة، المجموعة الجيدة إلى غير جيدة، والمجموعة غير الجيدة إلى جيدة. ويفسر ذلك بأنه كان كلما أخطأ تلميذ ينتمي إلى المجموعة الجيدة، عاقبه. وإذا أخطأ تلميذ من المجموعة غير الجيدة، بذل قصارى جهده من أجل توفير شروط أفضل لتشجيعه على التقدم... وهكذا، أصبح، بسرعة كبيرة، غير الجيدين جيدين، والجيدون غير جيدين. وطبعا، لم يستمر المدرس في ممارسة هذا النهج التخريبي تجاه التلاميذ الجيدين...

تقوم أغلب أنظمة التعليم بالمعاقبة على ارتكاب الخطأ عوض الاستفادة منه. ويعود ذلك إلى نظرتها الخاطئة لطبيعة المعرفة ولكل من التلميذ والمدرس وما يجمعهما من علاقات، وإلى استعمالها السيئ لللامساواة الموجودة بينهما وعدم قدرتها على توفير الشروط التربوية الضرورية لكي يتجاوز المُتَعَلِّم ذاته باستمرار... وهذا ما جعل المدرس، في ظل نظام التعليم التقليدي، ينظر إلى الخطأ بكونه خطيئة أخلاقية مناهضة للدين والثقافة والنحو والرياضيات... كما أنه يعتقد أن خطأ التلميذ إرادي هدفه الإساءة إلى المدرس والمعرفة في آن. وهذا ما يجعل رده عنيفا على أخطاء التلميذ.

عندما يتعرض التلميذ للعقاب والإهانة بسبب الأخطاء التي يرتكبها في تعلُّمه، فإنه يتوصل إلى أن ميزان القوى المعرفي القائم بينه وبين المدرس والمؤسسة التعليمية ظالم ومُخَرِّب بشكل كامل. نتيجة ذلك، فإنه يتوقف عن التفكير، فيلوذ بالصمت، ويصبح هدفه الأساس هو تجنب مغامرة الكلام أو الفعل داخل الفصل المدرسي حتى لا يرتكب أخطاء تجلب له العقاب والإهانة...

هناك كثير من النفاق اللاواعي الذي يمارسه الكبار تجاه أخطاء الأطفال والمراهقين. فقد يستطيع الآباء والمدرسون التمييز بين "الصواب" و"الخطأ"، وما هو مرغوب فيه وما هو مرفوض. لكنهم يجدون صعوبة في الاعتراف بأنهم ذاتهم ارتكبوا ويرتكبون أخطاء بشكل مستمر. وهذا ما يشكل تناقضا.

أضف إلى ذلك أنه غالبا ما يستند المدرس إلى أخطاء التلميذ للحكم على كفاءته، وعلى قدرته على فهم مادته الدراسية، بل إنه يعتمدها في التنبؤ بمستقبله ومصيره...

فعندما يكون في إمكاننا أن نخطئ دون أن نتعرض للعقاب من جراء ذلك، فإننا نطور ثقتنا بأنفسنا، ونكون أكثر جرأة، فنخاطر بركوب مغامرة المعرفة... تبعا لذلك، سيكون مفيدا تطوير وضعيات تعلُّمية تمكن التلميذ من تطوير هذه القدرة على التجرؤ والمغامرة معرفيا. وإذا كان التعلم مزعجا بما يتطلبه من مجهود من قِبَل المتعلم...، ينبغي أن يتوفر لهذا الأخير محيط مُطََمئِن تتسم فيه العلاقات بالاحترام والتعاون، ما يُمكِّن المدرس من مساعدة التلميذ على الاستفادة من أخطائه، وتطوير ثقته بنفسه، والخروج من عزلته، والانخراط في سيرورة بنائه لذاته عبر تطويره لمشروعه الشخصي أو المهني... هكذا، فإن التشجيع على الجرأة والمغامرة واتخاذ القرار هو أساس التعلم النوعي.

إن الذين يرتكبون أخطاء قليلة هم عموما أولئك الذين لا يتجرأون ولا يخاطرون. لكن لكي تتطور الحياة لصالح الفرد والمؤسسات والإنسانية، ينبغي أن يركب الإنسان المخاطر، ويتقبل ارتكاب الأخطاء، ويعمل على الاستفادة منها لتجاوزها. ومن المؤسف جدا أن نجد أناسا لا يفعلون شيئا، ويكتفون فقط بنقد ما يتم عمله من قِبَل الآخرين، وهم لا يعون أنه لا مستقبل لما يقومون به، لأنهم لا يُطَوِّرون مشروعا ولا ينجزون شيئا... وهذا ما يحول دون تقدمهم وتطوير قدراتهم الإبداعية...

تحضرني حكاية بطلها إطار كبير يعمل بشركة أمريكية، حيث يحكي هذا الرجل أنه طوَّر منتوجا جديدا، لكن العملية عرفت فشلا تسبب للشركة في خسارة مليون دولار. فنادى عليه المدير العام، وكان متأكدا من أن هذا الأخير سيبلغه قرار طرده من عمله. فلما دخل عليه، خاطبه المدير العام قائلا:

- لقد تسببت للشركة في خسارة مليون دولار.

فأجبه:

- نعم سيدي

فنهض المدير العام من مقعده، وشدَّ على يديه قائلا: "أريد أن أهنئك، لأنه لا نجاح في إنجاز المشاريع بدون اتخاذ قرارات. ولو تجنبت اتخاذ القرارات، لما مُنيتَ بالفشل والخسارة. إنني مع اتخاذ القرارات، ويقوم عملي على جعل المسؤولين قادرين على اتخاذها، لكنك إذا ارتكبت الخطأ نفسه مرة ثانية، ستفقد عملك. ثم أردف قائلا: أتمنى أن تتخذ قرارات كثيرة، وأنا متأكد أن قراراتك المستقبلية ستعرف نجاحا أكثر...".

وهناك من يضيف إلى هذه الحكاية أن هذا الإطار قال لمدير الشركة: "كنت أعتقد سيدي أنك ستطردني من العمل بعد الخسارة المالية التي تسببت فيها للشركة. فردَّ عليه المدير العام قائلا: "هل تمزح؟! لقد أنفقت مليون دولار من أجل تكوينك، وأتمنى أن تكون قد استفدت من دروس هذا الفشل".

تؤدي معاقبة الإنسان على أخطائه خلال تَعَلُّمه إلى إحجامه عن استعمال عقله الخاص، ما يقوده إلى الانغلاق والجمود... وهذا ما يعوق انخراطه في الحداثة، حيث إنها، أساسا، اقتلاع الذات وخروجها من وضعية سابقة إلى وضعية أكثر تقدما. وقد ورد هذا الخروج في الفقرة الأولى من النص الذي كتبه إيمانويل كانط E. Kant جوابا على سؤال: ما الأنوار؟

يقول كانط: الأنوار هي خروج الإنسان من حالة القصور التي هو نفسه مسؤول عنها. ويعني القصور عجز الإنسان عن استخدام "ملكة" الفهم (القدرة على التفكير) دون وصاية الآخرين. والإنسان مسؤول عن هذا القصور لأن سببه لا يعود إلى عيب في ملكة الفهم، بل إلى نقص في اتخاذ القرار وفي الشجاعة التي تمكنه من أن يستعملها دون وصاية الآخرين. يقول كانط: تجرأ على التفكير! لتكن لك الشجاعة على استخدام ملكة فهمك الخاص!. فالذات تكون في حالة قصور عندما تطيع بدل أن تفكر...

هكذا، لا يمكن أن يتجرأ المتعلم على استعمال فهمه الخاص، إذا كان يُعاقب على ما يرتكبه من أخطاء عند إقدامه على التفكير... تبعا لذلك، يجب تغيير نظرتنا إلى الخطأ بهدف الاستفادة منه تربويا، وكذا في شتى مناحي الحياة.

يلعب الخطأ دورا بناء في التعلُّم عندما ننتبه إليه باكرا. ويقتضي هذا أن نتوصل بإشارة من أحد أقاربنا، أو ملاحظة من مدرسنا، أو أي رد فعل خارجي ينبهنا إلى ما ارتكبناه أو ما نرتكبه من أخطاء. فعندما يبدأ الطفل الكلام أو المشي، فإنه يتوصل في كل لحظة بتوجيهات معقدة من قِبَلِ محيطه يتعرف من خلالها على أخطائه وعلى مدى تقدمه في التعلم... ونجد الشيء نفسه لدى الراشد عند تعلُّمه السياقة أو العزف على الكمان أو لغة أجنبية، حيث إن الأقارب يقومون بردود فعل لتنبيهه لأخطائه وتوجيهه...

ولكي نتعلم جيدا وبسرعة، يجب أن نتوصل بـ "تغذية راجعة" feed-back كافية ومقنعة وسريعة لكي لا يترسخ الخطأ ويزداد استعصاء على التجاوز من قِبَلِ المتعلم... وهذا ما يتطلب أن يتحدث المدرس أمام تلاميذه بصوت مرتفع عن كل الأسئلة التي طرحها على ذاته عبر مسار تطوره المعرفي، والمشاكل التي واجهها في طريق تعلمه، والصعوبات والعوائق التي تَمَكن من تجاوزها، والأساليب ووسائل التي استعملها في ذلك. يجب أن يُبرز المدرس أخطاءه الخاصة مبينا مساهمتها في تقدمه معرفيا... هكذا، يمكن للتلاميذ أن يستفيدوا من محاولاته وتجاربه وأخطائه معتبرين ارتكاب الخطأ أمرا طبيعيا شريطة الاستفادة منه وتجاوزه...

إن التقويم لا يُمَكِّن المتعلم من التقدم إلا إذا صار، على نحو ما، تقويما ذاتيا. ويتحقق ذلك عندما يتبنى التلميذ ما يوجه إليه من نقد ويدمجه ضمن دينامية تعلمه الخاصة. هكذا، يلزم المدرس دعم تلاميذه، وتلبية حاجاتهم، وتقويم أنشطتهم وأدائه الخاص ذاته. فضلا عن ذلك، ينبغي أن يثير فضولهم، ويولِّد لديهم الإحساس بكفاءتهم وتقديرهم لذواتهم والثقة فيها، ويقيم مناخا يطبعه الدفء والود داخل الفصل الدراسي...

إذا كان الخطأ من طبيعة الإنسان وسبيلا للاقتراب من الحقيقة، فإن الاستفادة من توظيفه تربويا لا تساهم فقط في نمو المتعلم معرفيا...، بل إنها أيضا يمكن أن تشكل مدخلا أساسيا للتربية على الديمقراطية، إذ إن هذه الأخيرة هي، أساسا، الاعتراف باحتمال خطأ الذات، وبأن الإنسان قد يتعلم من الآخر الذي قد يكون على صواب... وإذا ما استوعب المتعلم ذلك، فإنه سينأى بنفسه عن الفكر والنظام الشموليين، حيث سيقبل اختلاف الآخر عنه، بل يراه ضروريا لإقامة الحوار الذي يشكل سبيلا لإصلاح الأخطاء والتقدم والعيش معا في جو يسوده الاحترام والسلام...

محمد بوبكري

التَعَلُّمُ والنِّسبية



لقد اعتقد الفيزيائيون، في أواخر القرن التاسع عشر، أنهم استكملوا اكتشاف كل القوانين الفيزيائية، حيث صرَّح عالم الفيزياء الشهير "اللورد كيلفن" Lord Kelvin قائلا: "تشكل العلوم الفيزيائية اليوم مجموعة منسجمة كليا ومكتملة عمليا". وأضاف مستطردا إن هناك فقط مسألتين صغيرتين مزعجتين لم يتم حَلُّهما بعد. ولم يكن لديه أدنى شك بأن هاتين المسألتين سيتم التغلب عليهما وإزاحتهما من الطريق سريعا بفضل النجاحات الكبيرة التي تم إحرازها في مجال العلوم الفيزيائية أنئذ.

وقد أدى البحث لاحقا في هاتين المسألتين الصغيرتين إلى اكتشاف ما يسمى اليوم بنظرية "النسبية" و"فيزياء الكمَّات" Physique quantique. وهذا ما أدى إلى إعادة النظر في القاعدة المنطقية لأرسطو المسماة بـ "قانون الثالث المرفوع" الذي تقول صيغته إنه ليس هناك وسط بين الوجود واللاوجود. وتبعا لذلك، فإذا كان هذا القانون يرفض وجود الشيء ونقيضه، فقد أصبح ممكنا مع هذا الاكتشاف أن يكون الشيء شيئين متناقضين في آن واحد.

ومن فوائد هذا الاكتشاف أنه يُعَلِّمنا تقبل المجهول والغامض، والقبول بوجود أسئلة بدون أجوبة قطعية، كما أنه يجعلنا نتقبل كذلك وجود أساليب جديدة للعيش والتفكير في ظروف أفضل، ما يشكل ضرورة حياتية في زمننا.

وعندما ننظر إلى ما يجري في مدرستنا من زاوية هذا الاكتشاف، نجد أنها نادرا ما تمنح المتعلمين فرصة لتعلم هذا الأسلوب من التسامح، وقبول أن هناك وقائع غير قابلة للفهم المطلق، وأن هناك أسئلة ليست لها بالضرورة أجوبة صائبة أو خاطئة قطعا. إن المعرفة المدرسية عندنا يقينية، حيث تعتقد مدرستنا أن مصلحة التلميذ تقتضي تجنب الغموض واللايقين.

لكننا عندما نتأمل في طبيعة فعل التعلم، نجد أنه يقتضي معرفة كيفية تقبل الغموض والشك واللايقين، حيث إنه تلك الحالة التي نمر بها منذ بداية الانخراط في اكتشاف المعرفة الجديدة، التي لم نفهمها بعد، وصولا إلى اللحظة التي نستوعبها فيها نسبيا، إذ إن ما نتعلمه لا يمكن اختزاله فيما نفهمه فورا، كما أن فهمنا له لا يكون مطلقا.

لقد بَيَّن كارل بوبر Karl Popper أن معيار الطرح العلمي لا يكمن في حقيقته، بل في قابليته لوجود دليل معاكس له، وإمكان نقده بأساليب علمية. ويعود ذلك إلى أن الاكتشافات العلمية الحديثة قد بينت أن المعرفة العلمية متطورة باستمرار، إذ تتجاوز معرفة اليوم معرفة الأمس، إن لم تقطع معها وتكشف عن خطئها. أضف إلى ذلك أننا لا نمتلك معيارا عاما للحقيقة، حيث إن هذه الأخيرة تعني مطابقة الخطاب للواقع، لكن ليس لدينا معيار موضوعي عام يُمَكِّنُنَا من التأكد من مطابقة خطاب معين للواقع.

إننا لا نهدف من وراء هذا الطرح إلى الإقرار بفشل العلم، بل نريد أن نقول إن العلم لا يقبل اليقين، وأن الطريقة الوحيدة للتأكد من قيمة طرح علمي معين هي نقده. وقد يظل الطرح قائما طالما أن النقد لم يبطله. وهكذا، فليست هناك حقائق مطلقة في العلم، وإنما هناك فقط فرضيات مؤقتة.

لقد ولَّى زمن اليقين والإيمان المطلق بأن معيار الطرح العلمي هو حقيقته، وانقرضت معه الإيديولوجية العلموية. وأكد تطور العلم ذاته أن يقين اليوم هو موضوع شك غدا، وأن تطور المعرفة رهين بتوفر إمكانية نقد مسلمات الأمس واليوم. وهكذا تم تقويض أساس العقل الحديث. لكن، إذا كان النقد العلمي هو السبيل الوحيد للاقتراب من الحقيقة، فلماذا لا يكون النقد سبيلا للاقتراب من حقيقة العلاقات بين البشر بهدف دمقرطتها؟ بعبارة أخرى، بما أن الطرح العلمي فرضية قابلة للنقد، فلماذا لا يكون القرار البشري قابلا له كذلك؟

نحن في حاجة إلى عقل جديد مبني على الاعتراف باحتمال خطأ الذات، لا على امتلاكها للحقيقة المطلقة. كما أننا أيضا في حاجة إلى خطاب منسجم مع طبيعتنا البشرية غير المعصومة من الخطأ. وليس هذا الأخير خطيئة، بل إنه من طبيعة الإنسان، وهو السبيل الوحيد إلى الاقتراب من الحقيقة.

وإذا انخرطت المدرسة في هذه الرؤية، فإنها ستساعد الفرد على بناء ذاته المنفتحة على العالم، والمحترمة للآخر الذي لا يمكنه توظيفها، والقادرة على التفكير قبل التصرف، والمتحكمة في انفعالاتها...

ينجم عن غياب النقد التوقف عن التفكير، مما يحرم الإنسان من النمو ولذة البناء والاكتشاف، ويقضي على الرغبة في المعرفة وحب الاستطلاع لديه... وعندما يكون الفرد أمام خيارات وبدائل مختلفة، ويكون في إمكانه التفكير في ممكنات عديدة وآفاق مختلفة، ينمو فضوله المعرفي. لكن عندما تنعدم هذه الإمكانية، تغيب لذة الاكتشاف والرغبة في المعرفة في آن واحد.

وحين يتأمل المرء في تدريس العلوم بمدرستنا، يجد أن هناك ميلا كبيرا إلى تدريس القوانين دون مساءلتها. وهكذا يغيب تدريس الفكر العلمي والحس النقدي، حيث إن كل من يكتفي بتعلم مضمون المبرهنات الرياضية Théorèmes mathématiques وقوانين الطبيعة وتطبيقها، لا يكتسب سوى تقنية لا روح فيها، كما أنه لا يتعلم التفكير، بل يميل إلى الخضوع.

تبعا لذلك، تقوم مدرستنا بتدريس العلم من حيث كونه معتقدا، إذ نادرا ما تقدم للتلاميذ برهنة على الحقائق العلمية، إن لم يكن ذلك منعدما، بل يطلب منهم تطبيقها بشكل آلي. نتيجة ذلك، لا يدرك المتعلم معاني العلوم التي يدرسها، بل إنها تتحول لديه إلى معارف محنطة لا حياة فيها. وهذا ما يحول دون اكتساب التلاميذ للفكر العلمي. بناء على ذلك، ينطبق على مدرستنا قول الفيلسوف "كورنيليوس كاستورياديس" Cornélius Castoriadis: إنه لا يتم تدريس البرهنة على المبرهنات في الرياضيات، بل إنها تقدم من حيث كونها معطى (...) ونتيجة يجب أن يؤمن بها التلاميذ لإنجاز تمارينهم. وهذا ما يصيبنا بالجنون، حيث تكمن الفائدة من الرياضيات، وخصوصا في التعليم الثانوي، في إدراك ما تعنيه البرهنة.

تنهض المقاربة العلمية على فكر البحث والاكتشاف المستمر، بمعنى الشك المبدع... وهذا هو الفكر العلمي السليم، كما أنه الفكر النقدي الخالص. ولا يمكن اكتساب هذا الفكر فقط بتعلم الرياضيات والفيزياء بشكل صوري يركز فقط على حل المعادلات بشكل ميكانيكي، من دون الاهتمام باستيعاب عناصر الظاهرة الفيزيائية... التي تشكل موضوعها. إننا نسقط في نسيان الواقع الذي يراد بسطه، إذ كثيرا ما يصير التجريد ضد الطبيعة، حيث إن الفيزياء، كما يشير إلى ذلك اسمها، هي بالضبط علم الواقع.

ينبغي أن يفعل التلميذ أكثر مما يسمع ويتقبل، ويجب أن تتوفر له الشروط الديداكتيكية ليستوعب ما يدرسه. فلا تضاف المعرفة إلى الذهن كجوهر أجنبي عنه، بل إنه يتمثلها بقواه الحية الخاصة به عبر بنائها. وعلى كل إنسان أن يجني معرفته بجهد عقله. هكذا يتم تطور الذهن بتنميته وتنظيمه، لا بما ينضاف إليه من الخارج. ولا تعتبر التربية السليمةُ الذهنَ جوهرا لا حياة فيه، بل تتعامل معه باعتباره روحا حيا. تبعا لذلك، يجب أن يفكر التلميذ بذهنه الخاص، كما يجب أن يصدح المُغَنِّي في جوقة بصوته الشخصي. فالتعلم هو القيام شيئا فشيئا باكتشاف معنى المادة الدراسية عبر الانخراط في إنتاج المعرفة، كما أنه التمكن من فهم الأسئلة التي تطرحها على ذاتها حول العالم، وكذا معرفة المناهج المستعملة في إنتاج المعرفة ضمن إطارها، والنظريات الكبرى التي تم تطويرها في مجالها. وتساعد هذه المقاربة على التقدم التدريجي في بناء المعرفة ومنحها معنى، لكنها عمل لا نهائي لا يمكن استنفاده.

لا تمارس هذه الطريقة عندنا في فهم العلوم وتدريسها. إننا نقبل بدون صعوبات التجريدات الرياضية أو تطبيقاتها التقنية والآلية. كما أننا نقبل الدواء الذي يعالج المرض، والطائرة التي تنقلنا من بلد إلى آخر، والحاسوب الذي يساعدنا على الإنجاز السريع للعمليات الحسابية المعقدة جدا، لكننا نرفض استيعاب المنهجية العلمية التي مكنت من الوصول إلى هذه الاختراعات. بناء على ذلك، إننا نفضل اليقين والمطلق، ولا نقبل الشك المبدع الذي يشكل قاعدة لتطور العلوم. كما أننا نرفض الفكر الذي يدرك التمايز بين الأشياء، والذي يشكل قاعدة العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وهكذا، فإن مدرستنا لا تُدخل في اعتبارها المستجدات العلمية ولا طبيعة كل الحقول المعرفية التي تدرس بها، ولا كيفية إنتاج المعارف...، مما يحول دون مراكمتها لتجارب مفيدة تمنحها معنى...



محمدبوبكري
 

المشاركات الشائعة

مشاركة مميزة

كسوف الشمس في 21 غشت و بداية العد التنازلي للنهاية.

كشفت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية، استنادا للعالم ديفيد ميد،إمكانية اصطدام الكوكب الغامض "نيبيرو" بالأرض. و قال الع...