«هابل» يكشف أصغر مجرات الكون

استخدم فريق دولي من علماء الفلك التلسكوب الفضائي "هابل"، المشغل حاليا بالتعاون ما بين وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" ووكالة الفضاء الأوروبية "إيسا"، لدراسة مجموعة من أصغر المجرات وأقلها بريقا في جوارنا الكوني. وتشكل هذه المجرات أحافير للكون في مراحله الأولى، حيث إنها لم تتغير كثيرا على امتداد 13 مليار سنة.

المجرات التابعة

يمكن لهذه الدراسة أن تساعد في تفسير ما يسمى بمشكلة "المجرات التابعة"، حيث لم يتم العثور إلا على عدد قليل من المجرات الفضائية حول مجرة درب التبانة، رغم ألوف المجرات التي تنبأت بها النظريات. وتقول مجلة "ساينس ديلي"، في تقرير نشرته أخيرا، إن علماء الفلك سيطرت عليهم الحيرة حيال السبب الكامن وراء أن بعض المجرات القزمية الخافتة للغاية، التي رصدت في الفناء الخلفي لمجرة درب التبانة، تحتوي على عدد قليل جدا من النجوم.

 ويعتقد أن تلك المجرات تمثل أصغر المجرات وأقدمها على مستوى الكون. وقد تم اكتشافها خلال العقد الماضي من قبل علماء استخدموا تقنيات الحاسوب الآلي للبحث في صور مشروع "مسح سلون الرقمي للسماء". ولكن فريق العلماء الدولي احتاج إلى تلسكوب "هابل" الفضائي ليساعده على حل لغز افتقار هذه المجرات إلى النجوم، وعدم العثور إلا على عدد قليل جدا منها.

تشكل النجوم

وقال توم براون، وهو باحث في معهد علوم تلسكوب الفضاء بالولايات المتحدة وقائد فريق البحث: "إن هذه المجرات كلها قديمة وفي السن نفسه، لذا فإننا نعرف أن شيئا ما نزل مثل المقصلة، وأوقف تشكيل النجوم في الوقت نفسه في هذه المجرات. والتفسير الأكثر ترجيحا هو عملية تعرف بـ(إعادة التأيين)". وتعد تلك المجرات العتيقة دليلا على مرحلة انتقالية شهدها الكون في مراحله الأولى، وأوقفت "مصانع تشكيل النجوم" في المجرات الصغيرة.

ويبدو أن هذه العملية تتزامن مع الوقت الذي حرقت فيه النجوم الأولى سحابة ضبابية من الهيدروجين البارد، وهي العملية التي سميت بإعادة التأيين. وفي هذه الفترة، التي بدأت خلال أول مليار سنة تلت الانفجار الكبير، عمل إشعاع النجوم الأولى على تقليل عدد الإلكترونات الموجودة في ذرات الهيدروجين البدائية، مؤينا غاز الهيدروجين البارد في الكون.

 

معاينات "هابل"

تظهر معاينات "هابل" لثلاث من هذه المجرات الصغيرة، وهي مجرات هرقل وليو الرابع وأورسا الكبرى، أنها جميعا بدأت في تشكيل النجوم قبل أكثر من 13 مليار سنة، ثم توقفت فجأة، وكل ذلك خلال أول مليار سنة أعقبت ولادة الكون في الانفجار الكبير.

وفي الواقع، فإن نجوم هذه المجرات تضاهي في عمرها "ميسييه 92"، وهي أقدم كتلة كروية عرفها التاريخ في درب التبانة.